Loader
منذ 3 سنوات

حكم قول (الله ينتقم منك)


  • فتاوى
  • 2021-07-28
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (6652) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما حكم قولنا: الله ينتقم منك؟ سمعت أنه لا يجوز مع العلم أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه: "وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ"[1]، وما الفرق بأن الله لا ينتقم من عبده وبين قوله: عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ؟ وما الصلة بين هذا القول وهذه الآية؟

الجواب:

        أما بالنظر إلى صدور هذه الكلمة من شخصٍ إلى شخص فإذا كان القائل لهذه الكلمة معتدىً عليه من قِبل من قُصد بهذه الكلمة، وكان يريد أن ينتقم الله منه له بقدر استحقاقه فليس في ذلك شيء؛ لقوله تعالى: "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا"[2]، وكذلك قوله -تعالى-: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ"[3]. وهذا الشخص لم يتولَّ العقاب بنفسه؛ وإنما طلب من الله أن ينتقم من هذا الشخص ؛ لأنه قد يكون عاجزاً عن الانتقام منه؛ يعني: عن أخذ حقه منه.

        أما إذا كان مبتدئاً بهذا الدعاء، أو كان يريد الانتقام منه أكثر مما يستحق فهذا عدوانٌ في الدعاء، فلا يجوز له أن يدعو بهذا الدعاء على أساس هذا القصد.

        أما بالنظر إلى الآية وهي وصف الله -جل وعلا- بأنه عزيز ذو انتقام، فهذا فيه تنبيهٌ على أن الله I إذا أراد إنفاذ أمرٍ من الأمور أو أراد منعه فإنه صاحب القوة والقهر والغلبة، فلا يمكن أن يمنعه أحدٌ عن تنفيذ ما أراده، وأما وقوع الانتقام منه فإن الله -جل وعلا- ينتقم ممن يستحق الانتقام منه.

        وإذا نظرنا إلى ما قص الله علينا في القرآن من انتقام الله -جل وعلا- لرسله؛ كانتقامه لنوحٍ u حينما لم يقبل دعوته إلا من آمن به، فأهلكهم الله
-جل وعلا- بالغرق، وهكذا سائر من قص الله علينا في القرآن وهذا انتقامٌ عام. والانتقام من الله -جل وعلا- يأتي على وجوهٍ كثيرة يكون عاماً ويكون خاصاً؛ يعني: خاصاً للفرد الواحد. وبناءً على ذلك فإن الشخص يحتاج إلى أن يتنبه لنفسه لا يكون عُرضةً لانتقام الله منه ؛ لأن الانتقام من الله قد يكون في الدنيا فقط، وقد يكون في الآخرة فقط، وقد يكون في الدنيا وفي الآخرة، فيتنبه لنفسه لا يعمل أسباباً تكون موجبةً لانتقام الله -جل وعلا- منه.

        أما العلاقة بينهما فبالنظر لما يصدر من الإنسان من الدعاء فقد يكون ما يطلبه مساوياً لحقه، وقد يكون أقل، وقد يكون أكثر، وقد يكون ظلماً على سبيل الابتداء، فيكون أقل أو أكثر، أو يكون اعتداءً على سبيل الابتداء، وقد يكون مساوياً لحقه.

        وعلى هذا الأساس يكون ظالماً في ثلاث حالات، ويكون منصفاً في حالة واحدة؛ أما الله -جل وعلا- فإنه لا ينتقم إلا بقدر ما تستحقه الجهة أو الشخص الذي ينتقم منه، ولهذا يقول -جل وعلا-: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا"[4]، ويقول في الحديث القدسي: « يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا »، فالظلم من العباد ممكنٌ في الانتقام؛ أما الله -تعالى- فهو منزهٌ عن ذلك. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (4) من سورة آل عمران.

[2] من الآية (40) من سورة الشورى.

[3] من الآية (126) من سورة النحل.

[4] من الآية (40) من سورة النساء.