يعمل في بناء عمارة صاحبها ماله ربوي، ما حكم أجرته؟
- المصالح والمفاسد
- 2022-05-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10430) من المرسل أ. أ، يقول: رجل يعمل في البناء في عمارة البيوت، ويستلم أجرته نهاية الأسبوع، مع العلم أن صاحب العمارة ماله من الربا، فهل على العامل إثم إذا أخذ أجرته من هذا الرجل؟
الجواب:
من قواعد الشريعة ربط المُسبَبات بأسبابها، وإذا نظرنا إلى الأسباب المشروعة وجدنا أن الله -جلَّ وعلا- يرتب عليها مصالح؛ وكذلك الرسول ﷺ لا يختلف ترتيب الرسول ﷺ عن ترتيب الله -جلَّ وعلا-؛ وكذلك يرتب المصالح على ترك الأسباب الممنوعة.
فالمصالح تترتب على الأسباب المشروعة من جهة، وعلى ترك الأسباب الممنوعة من جهة أخرى. ويرتب المفاسد على الأسباب الممنوعة، ويرتب المفاسد على ترك الأسباب المشروعة. وبطبيعة الحال يكون ذلك دون سبب شرعي.
وبناءً على ذلك فإن المال من جملة كسبه ومن جهة إنفاقه يُنظر إليه. والله -جلَّ وعلا- شرع أسباباً لكسب المال، وبيّن أسباباً أنها محرمة لكسب المال.
فعلى سبيل المثال: عقد البيع إذا توفرت أركانه وشروطه وواجباته وانتفت موانعه فهو سبب مشروع، وبمقتضاه ينتقل المبيع من البائع إلى المشتري ويكون حلالاً له، وينتقل الثمن من المشتري إلى البائع ويكون حلالاً له.
لكن عندما ننظر إلى كسب المال بطريق الرشوة، بطريق الغش، بطريق السرقة، بطريق الغصب، بطريق الربا -نجد أن السبب غير مشروع لكسب المال. وبناءً على ذلك فإن المُسَبب الذي هو المال المكتسب لهذا السبب لا يدخل تحت ملك الشخص الذي باشر السبب، فالمال المسروق لا يدخل تحت يد السارق؛ بمعنى: إنه يتصرف فيه كما يتصرف في ماله المباح؛ وهكذا سائر الأمثلة التي سبقت؛ لكنني أذكر محل السؤال:
فعقد الربا يقول الله -جلَّ وعلا-: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}[1] فرتّب على عقد مباشرة الربا أن التائب يأخذ رأس ماله، وما زاد عن ذلك فإنه لا يدخل تحت ملكه يتصرف فيه.
وعلى هذا الأساس فهذه الصورة المسؤول عنها لا يستحق المتعامل بالربا أن يدفع المال الذي تحصّل عليه بوجه ربوي، لا يجوز له أن يستفيد منه بأي وجه من وجوه الاستفادة العائدة إليه، ومن ذلك نصّ السؤال الذي حصل وهو أنه يدفعه أجرة للعامل الذي يشتغل عنده فلا يجوز إذا علم العامل ذلك أن يقبله، ولا يجوز للمرابي أن يدفع ذلك. وبالله التوفيق.