يحتفلون بالمولد النبوي في ساحةٍ وفيه محلات تبيع الحلويات المخصصة لهذه المناسبة، وذهبت لشراء هذه الحلويات فقط، هل يلحقني إثم؟
- البدع
- 2022-01-30
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (9823) مرسل سوداني مقيم، يقول: لدينا في السودان أناس يحتفلون بالمولد النبوي، ويكون ذلك في ساحةٍ كبيرة تكون هناك محلات تقوم ببيع الحلويات المخصصة لهذه المناسبة، وأيضاً تقوم ببيع حلويات على شكل تماثيل صغيرة للأطفال. وأنا في السنة الماضية ذهبت لهذه الساحة بقصد الشراء فقط من هذه الحلويات، ولم أشتر من الحلويات التي هي على شكل تماثيل، هل يلحقني إثم فيما فعلت؟
الجواب:
محبة الرسول ﷺ كما بيّنها ﷺ حينما قال له عمر -رضي الله عنه-: « يا رسول الله، لأنت أحب إليّ من أهلي ومالي وولدي، فقال الرسول ﷺ: لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال: أنت يا رسول الله الآن أحب إليّ من نفسي، قال: الآن يا عمر ». ومحبة الرسول ﷺ تكون كما قال -جل وعلا-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[1].
الإنسان يبحث عن هدي الرسول ﷺ في أقواله، وهديه في أفعاله، وهديه فيما يكفّ عنه؛ فإن سيرته ﷺ القولية، وسيرته العملية، وسيرته فيما يكف عنه هي الأساس؛ لأنها هي تطبيقٌ لشرع الله -جل وعلا- فإن الله
-سبحانه- أنزل القرآن، وقال -جل وعلا- عن رسوله ﷺ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)}[2]، فالرسول ﷺ مُبين للقرآن، والقرآن يُبين بعضه بعضاً، والسُنة يبين بعضها بعضاً، والسنة مبينة للقرآن، فمن صدق في محبة الرسول ﷺ فإنه يتبع هديهُ.
وإذا نظرنا إلى مسألة المولد بدعوى أن الذين يقيمونها يحبون رسول الله ﷺ، وإذا نظرنا إلى حياته ﷺ وجدنا أنه لم يُقم لنفسه حفل مولدٍ، ولم يأمر به، ولم يقمه أحدٌ في عصره ويُقره؛ يعني: ليس فيه سنةٌ قولية، ولا سنة عملية، ولا سنة من ناحية إقرار الرسول ﷺ فإذن انقضى عصر الرسول ﷺ وهذا الاحتفال لم يُقم. نأتي إلى عصر الصحابة -رضي الله عنه- فلم ينقل عن أحدٍ منهم أنه أقامه ولا أنه دعا إليه، فإذن فيه إجماعٌ من الصحابة -رضي الله عنه- في الكف عن هذا الشيء. وإذا نظرنا إلى عصر التابعين وعصر أتباع التابعين؛ يعني: هذه القرٌون المُفضلة كلها مجمعةٌ على عدم إقامته.
لكن عندما ضعف الوازع الديني في نفوس بعض الناس صرفهم الشيطان إلى بعض هذه الظواهر، ومن هذه الظواهر ظاهرة الاحتفال بالمولد النبوي، ولا شك أنه بدعة من البدع؛ لأن الذين يُقيمونه يُقيمونه تعبداً، والرسول ﷺ قال: « عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار ».
وقال ﷺ: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد »، وكلمة: في « أمرنا » يعني في هذه الشريعة، فيزيد: يُحدث حدثاً يكون فيه زيادة، أو يُحدث حدثاً يكون فيه نقص وانتقاص للشريعة؛ مثل: الشخص الذي ألغى صلاة الجمعة عن شعبه بناءً على أنها تقلل من ناحية الاقتصاد!
فالمقصود أن كلمة: « من أحدث في أمرنا » إحداث من ناحية الزيادة أو من ناحية النقص. وعلى الأشخاص الذين يدعون إلى هذا العمل، أو يحضرونه، أو ينفقون المال أن يعلموا أن جميع هذه الأمور محرمة؛ لأن من قواعد الشريعة أن الوسائل لها حكم الغايات، فوسيلة الحرام محرمة، ووسيلة الواجب واجبة؛ وهكذا بقية الأحكام: المكروه، والمندوب، والمباح.
فإذن جميع الوسائل المعينة على إقامته مُحرمة؛ سواء كانت هذه الوسيلة وسيلة بدن، وسيلة قول، وسيلة فعل، وسيلة مال، و وسيلة تهيئة محل لإقامته؛ هذا أصل الموضوع.
أما بالنظر إلى هذه الجزئية التي يسأل عنها السائل من ناحية أنه اشترى من الحلوى هذه الحلوى المُعدة في هذا المكان وفي هذا الزمان لكنها مُعدةٌ في محلٍ تُقام فيه البدعة، وكان عليه أن يتجنب الشراء عملاً بقاعدة سد الذرائع؛ لأن حضورهُ وبخاصةٍ إذا كان طالب علم لهذا المحل وشراءه من هذه البضائع قد يؤخذ منه أنه يُقر هذا المبدأ، ورحم الله امرأً حمى عرضه. وبالله التوفيق.