Loader
منذ سنتين

والدي يهجرني لأدنى سبب مللت الرجوع لكثرة زعله ويمر يوم من الأسبوع لا أكلمه، هل هذا من العقوق؟


الفتوى رقم (12085) من مرسل لم يذكر اسمه يقول: إذا كان والدي يهجرني لأدنى سبب، وأنا مللت الرجوع لكثرة زعله، ويمر يوم من الأسبوع لا أكلمه، هل هذا من العقوق؟

الجواب:

يقول الله -جل وعلا-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}[1]، فالواجب عليك أن تتعامل معه معاملة حسنة، وأن تتجنب جميع الأمور التي تسبب هجرانه لك؛ لأنه لن يهجرك إلا إذا فعلت شيئاً محرماً أو تركت شيئاً واجباً، فتجنب جميع هذه الأمور. واسلك مسلكاً طيباً تبتغي به رضا الله من جهة ورضا والدك.

واعلم أن المعاملة التي تتعامل بها مع والدك سيتعامل بها معك ابنك؛ لأن الرسول قال: « بروا آباءكم تبركم أبناؤكم ». ومفهوم المخالفة لهذا الحديث أنه إذا حصل عقوق من الشخص لأبيه فإن ولده سيعقه مستقبلاً، وهكذا بالنظر إلى الأم مع أن الرسول أكد على حق الأم أكثر من الأب، وذلك لما سأل رجل رسول الله ﷺ « من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك »، -ثلاث مرات- « قال: ثم من؟ قال: أبوك ثم أناك أدناك ».

ومن جهة تأكد حق بر الوالدين، قال الله -تعالى-: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[2] هما مشركان ومع ذلك أمر ببرهما مع وجود هذه الصفة؛ مما يدل على تأكد حقهما.

ومن جانب آخر ينبغي للوالد أن يعين ابنه على بره، ورحم الله أباً أعان على بره؛ لأن بعض الآباء -سامحهم الله- يسلكون مع أولادهم سبلاً تجعل الولد يبتعد عن أبيه، فيستخدمون معهم أساليب الإحباط والكلام الذي يشعر بنزع ثقة الأب بولده. وإذا شعر الولد بأنه ليس بمحل ثقة عند والده نشأت كراهته لوالده، ويكون الأب هو السبب؛ فالموضوع هذا يحتاج إلى تعاون من جانب الأب، وتعاون من جانب الابن؛ وهكذا من جهة الأم. وبالله التوفيق.



[1] الآيتان (23-24) من سورة الإسراء.

[2] من الآية (15) من سورة لقمان.