حكم قراءة القرآن بصوت عال والناس يصلون
- لاضرر ولاضرار
- 2022-05-14
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5903) من المرسل م.ع.م.ق. من سلطنة عمان، يقول: ما الحكم في قراءة القرآن بصوت عالٍ في المسجد والناس يصلون ولا شك أنه يشوش عليهم في صلاتهم؟ وما الحكم في رجلٍ يرفع صوته بالدعاء والناس يصلون في المسجد هل هذا الأمر جائز أم مكروه؟
الجواب:
هذا السؤال ينبغي أن ينظر إلى أصله في الشريعة. ومن القواعد المقررة في الشريعة أنه « لا ضَرر ولا ضِرار »، وهذه القاعدة مشتملة على جزأين:
الأول: هو الذي يكون أصلاً لهذا السؤال؛ بمعنى: إنه فرعٌ مندرجٌ تحت هذا الأصل، فإن قوله ﷺ: « لا ضرر »؛ يعني: أن الشخص لا يبدأ الضرر، فجميع وجوه الضرر ممنوعة ابتداءً إلا إذا وجد مسوغٌ شرعيٌ فإن هذا المسوغ الشرعي المبني على دليلٍ شرعيٍ أو على مدركٍ شرعي يكون هو العمدة، فمثلاً السارق يسرق وقطع يده ضررٌ عليه؛ ولكن فيه مصلحةٌ عامة له من جهة، وللمجتمع من جهةٍ أخرى، ففيه حفظٌ لأموال الناس وردع للناس الآخرين، وردعٌ له هو -أيضاً- فلا تتكرر منه السرقة، ويُلحق بهذا جميع أنواع العقوبات؛ سواءٌ كانت هذه العقوبات محددةً، أو كانت هذه العقوبات راجعة إلى تقدير الجهة المسؤولة عنها مسؤوليةً شرعية كتقادير التعازير بحسب ما تحققه من المصالح وتدرؤه من المفاسد حينما تطبق. فلا يُقال: إن هذه تكون من الضرر المندرج تحت هذا الحديث، ذلك أن فيها شيئاً من الضرر؛ لكن مصلحتها أغلب من الضرر الذي يحدث على المحل الذي تطبق عليه، وهذه المسألة المسؤول عنها هي عبادة لكن تطبيق الشخص لهذه العبادة يؤذي الناس الآخرين؛ بمعنى: إنه يشوش عليهم في قراءتهم، أو في ركوعهم، أو في سجودهم، أو غير ذلك مما يلابسونه من أعمال الصلاة، وحينئذٍ يقرأ بقدر ما يُسمع نفسه، ولا يرفع صوته بحيث يكون مؤذياً. ومن ذلك -أيضاً- وهو كثير الحصول ويتشكّى منه كثيرٌ من الأشخاص رفع الصوت بالميكرفون في أثناء القراءة رفعاً يكون مزعجاً للجيران المجاورين لهذا المسجد وبخاصةٍ إذا كان له صدى، فالمقصود من قول الرسول ﷺ: « لا ضرر » ينبغي على المسلم أن يتنبه إلى هذا الحديث ويطبقه تطبيقاً شرعياً.
الثاني: أما قوله ﷺ: « ولا ضرار » فمعنى ذلك أن الشخص لا يزيد عندما يريد أن يأخذ حقه يدفع الظلم؛ لأن الله -تعالى- قال: "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا"[1]، وقال -جلّ وعلا-: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ"[2]. وبالله التوفيق.