مظاهر الفتن القنوات وتقليدها وحكم الدعوة إلى مشاهدة بعض القنوات الفضائية
- فتاوى
- 2021-07-31
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (6822) من المرسل السابق، يقول: في زمننا هذا كثرت مظاهر الفتن والشر من خلال ما يعرض في قنوات البث المدمر التي سُلطت بشكل كبير ضد الفتاة المسلمة، وأصبحت الكثير من النساء تحاول تقليد ما تشاهده من هذا وذاك إلا كانت ضحية من ضحايا الخلوة ونزوات الشهوانية. سؤالي ما تعليقكم على هذا الموضوع بالموعظة والإرشاد؟ وما حكم الشرع فيمن حذا حذو هذه الفتاة المستهترة؟ وماذا يجب على أولياء الأمور تجاه بناتهم أحسن الله إليكم؟
الجواب:
خلق الله -جل وعلا- الجنة طيبة وجعلها للطيبين، وهذا الطيب هو طيبٌ في أعمالهم، وخلق النار وهي خبيثةٌ وجعلها للخبيثين، وهم خبثاءُ في أعمالهم.
وبناءً على ذلك فإن الخير طيبٌ وله أهله، والشر خبيثٌ وله أهله، والشخص يكون من أهل الخير أو يكون من أهل الشر، "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا"[1] فالشخص يكون ولياً من أولياء الله أو يكون ولياً من أولياء الشيطان "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ"[2]، الذي يقود إلى الشر هو الشيطان وذريته يقول الرسول ﷺ: « ما منكم من أحدٍ إلا وله قرين »، قالوا:حتى أنت يا رسول الله؟ قال: « حتى أنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ». وعلى هذا الأساس فعلى الشخص أن يتنبه لنفسه، وأن يربي نفسه على الخير، وأن يُجنب نفسه عن الشر وعن جميع وسائله؛ فهو مسؤولٌ عن نفسه ومسؤولٌ عما تحت يده: « كلكم راع وكلكم مسؤولٌ عن رعيته »، فالرجل إذا كان في بيته عنده زوجته وأولاده وغشهم؛ يعني: أقرّ الفساد فيهم مثل الأشخاص الذين يُدخلون في بيوتهم أجهزة استقبال القنوات الفضائية التي تبث الفساد ويجتمع هو وزوجه وأولاده في أوقاتٍ مناسبة لبث الفساد، ويجعلهم يشاهدون الصور الخبيثة والأعمال القبيحة والأقوال الشنيعة، وما يكون منه إلا الضحك وتناول القهوة وتناول الشاي وتناول البارد هذا إن لم يكن هناك خمر. وبعض النساء تقول: إن زوجها يأتي بها هي وأولادها في مكانٍ خاص لاستقبال القنوات الفضائية الفاسدة، ويأتي بالخمر ويجبرها على الشرب!
فعلى هذا الأساس يجب على الشخص أن يسعى لحماية نفسه أولاً وحماية من تحت يده، فهو مسؤولٌ عن نفسه، ومسؤولٌ عمن تحت يده، فكما أن إمام الصلاة إذا صلى بالناس له أجر صلاته، ومثل أجر صلاة من صلى خلفه لا ينقص من أجورهم شيء هذا في الخير؛ وكذلك إذا كان مسؤولاً وغش من هو مسؤولٌ عنهم فعليه إثم نفسه من جهة، وعليه مثل آثامهم من جهة أخرى من غير أن ينقص من آثامهم شيء، يقول الرسول ﷺ: « من سنّ سنة حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن سنةً سيئةً فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيء »، فلو أن كل شخصٍ اعتنى بنفسه عنايةً خاصة، وأن كل شخصٍ استرعاه الله نصح لمن تحت يده من ناحية أمرهم بما أمر الله به ونهيهم عما نهاهم الله عنه ما حصلت هذه الأمور التي أشارت إليها السائلة؛ ولكن حصل الإهمال من الشخص نفسه يُهمل نفسه، ويُهمل الرقابة على من تحت يده فيفسد هو من جهة، ويفسد أفراد رعيته بالتدريج من جهةٍ أخرى: تفسد زوجته، تفسد ابنته، يفسد ولده ولا ينتبه إلا في وقتٍ لا ينفع فيه الانتباه.
فعلى كل شخصٍ أن يحرص على الابتعاد عن جميع الوسائل التي تفسده هو، وعليه أن يُجنب من ولاه الله أمرهم، عليه أن يجنبهم وسائل الفساد؛ وإلا فإن العقوبة أمامه قد تقع في الدنيا في بدنه، في ماله، في جاهه، وقد تقع في الآخرة، وقد يجمع الله له بين الأمرين، وقد تتعدى آثار هذه المعاصي إلى الحيوانات وإلى النبات كما قال الله -جل وعلا-:"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ"[3]، ويقول -جل وعلا-: "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ"[4]، فعلى العبد أن يتقي الله في نفسه وفيمن ولاه الله أمرهم. وبالله التوفيق.
الفتوى رقم (6823) من المُذيع، يقول: أستأذنكم فضيلة الشيخ في عرض قضيةٍ مشابهة أيضاً، بعض الناس مع الأسف مما ابتلوا بمشاهدة هذه القنوات الفضائية إذا جلس في مجلسٍ فيه بعض أقاربه أو زملائه ينقل ما شاهده من باب التشويق حتى يقع كلامه هذا في قلوب بعض الحضور فيدعوهم هذا إلى أن يقعوا في مشاهدة هذه القنوات الفضائية بسبب كلام هذا الشخص، هل يكون من أصحاب الوزر الذين دعوا إلى الضلال في مثل هذا الكلام؟
الجواب:
فيه دعاةٌ يدعون الناس إلى الخير هؤلاء من أولياء الله، وفيه دعاةٌ يدعون الناس إلى الشر وهؤلاء من أولياء الشيطان، والله -جل وعلا- يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"[5] فدعاة الخير يتعاونون مع الناس في دعوتهم إلى الخير، ودعاة الشر يتعاونون مع الناس في دعوتهم إلى السوء؛ فلا شك أن لهم نصيباً من الإثم. وبالله التوفيق.