معنى قولة تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} إلى قوله تعالى: {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}
- التفسير
- 2021-12-30
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7829) من المرسلة ز.ن، من اليمن تقول: ما معنى قوله -تعالى-: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)}[1].
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- بيّن أصناف الناس في افتتاح سورة البقرة:
فالصنف الأول: هم المؤمنون، ذكرهم الله في أربع آيات، هؤلاء مؤمنون ظاهراً وباطناً.
والصنف الثاني: الكفار ظاهراً وباطناً، وذكرهم الله في آيتين في قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}[2].
والصنف الثالث: المسلمون ظاهراً وهم كفار في قلوبهم، وهؤلاء هم المنافقون وذكرهم الله في ثلاث عشرة آية من قوله -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}[3] إلى آخر ما ذكر الله عنهم.
فهذه المرسلة أخذت آية مما يتعلق بالكفار وبعض ما يتعلق بالمنافقين، فبالنظر إلى ما يتعلق بالكفار في قوله -تعالى-: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[4] هذا فيه بيانُ المسبب والسبب قبله وهو قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[5] فالسبب هو الكفر؛ بمعنى: إنهم لم ينقادوا لدعوة الرسول ﷺ؛ بل قابلوها بالعصيان وبالجحود وبالكفر، فلما حصل منهم هذا السبب بيّن الله لرسوله ﷺ أن هؤلاء لا يمكن أن ينفع فيهم شيء، ولا فرق بين دعوتهم أو تركهم: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[6]، ثم بيّن الله -جل وعلا- المسبب وهو جزاء العمل في قوله -تعالى-: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[7]، فهذا هو المسبب من جزاء العمل الذي عملوه وهو الكفر. ثم ذكر مسبباً آخر وهو قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[8]، فقوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[9] هذا مسببٌ دنيوي، وقوله -جل وعلا-: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[10] هذا مسببٌ أخروي.
ثم ذكرت المرسلة بعض الآيات المتعلقة بالمنافقين، فقوله -جل وعلا-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}[11] إلى آخر الآيات هذا فيه تنبيه على أن هناك صنفٌ من الناس قلوبهم طيبة وأعمالهم الظاهرة طيبة؛ ولكنهم إذا اختفوا عن الناس يفعلون ما يريدون مما يخالف الإسلام؛ هذا من جهة. ومن جهةٍ ثانية أن قلوبهم لا تقبل الإسلام بأي وجهٍ من الوجوه، ولكنهم يظهرون الإسلام وذلك من أجل ما يريدون الحصول عليه من المصالح الدنيوية. وبالله التوفيق.
[11] من الآيتين (8 - 9) من سورة البقرة.