حكم الاقتراض مع الزيادة في قيمة السلعة
- البيوع والإجارة
- 2021-06-17
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (254) من المرسل م.ح.م من جدة، يقول: أنا شاب لي ثلاث وعشرون سنة موظف في الدولة، ولي مرتب محدود، وأريد الزواج والمال الذي عندي لا يكفي نفقات الزواج، فانجبرت أن أخذ سيارة بأقساط شهرية من مرتبي بثمن زيادة الثلث تقريباً على ثمنها الحالي، فهل هذا جائز؟
الجواب:
البيع إلى أجل سواء، أكان الأجل واحداً أو كان الأجل متعدداً، فمن أخذ سلعة وأجّل ثمنها بأكثر من قيمتها بالحاضر، ويدفع الثمن بعد سنة أو سنتين مثلاً أو اشتراها على أن يدفع كل شهر جزءاً من ثمنها فهذا جائز.
ولكن الشيء الذي يحتاج إلى تنبيه هو:
أن بعض الإخوة الذين يشتغلون في البيع إلى أجل يقعون في بعض الأمور التي تحتاج إلى تنبيه، وإنما نبهت عليها من أجل أنها قد تكون ملابسة لهذه المسألة التي سأل عنها السائل.
من هذه المحاذير:
1- أن البائع لا يرحم المشتري من جهة الزيادة في السعر، فيستغل مجيئه مضطراً للحصول على هذه السلعة ويضيف إليه سعراً زائداً عن الحال، وتكون هذه الزيادة كثيرة، والذي ينبغي في هذا تراحم الناس فيما بينهم، وأن الغني يرحم الفقير إذا جاء إليه؛ لأنه إذا أخذ عليه زيادة معقولة، فقد يكون ذلك سبباً في رد ماله إليه في وقته، ثم إذا رد إليه فقد يكون فيه بركة بعدما يرد إليه من جهة أنه يوجهه توجيهاً صالحاً.
وكذلك من جهة أنه يكون سبباً في كثرة الزبائن الذين يأتون ويشترون منه، وهذا إذا قلل السعر ترتب عليه مصالح، بخلاف إذا زاد السعر، فقد لا يرجع إليه أو يرجع دون بركة، وقد ينبه الناس أن لا يأتوا ليشتروا منه لزيادته السعر.
2- أن الشخص الذي يشتغل هذه الشغلة يتفق مع بعض الجهات التي تورد السيارات على أنه يحول إليهم الزبائن، فيأتي إليه الزبون ويتفق معه ثم يحوله على صاحب المعرض، وفي هذه الحال يكون الشخص الذي باع السيارة باعها قبل أن يملكها، وقال الرسول: « لا تبع ما ليس عندك »[1]، وهذا يخالف قول الرسول ﷺ وهذا كثير جداً في الأسئلة التي يسأل أصحابها عنها.
3- أن هذا الشخص لا يقبضها لنفسه، بل يكتفي بقبض من باع عليه، فحينها يكون قد باع السلعة قبل قبضها، ويطلب من صاحب المعرض أن تكتب السيارة باسم المشتري؛ أي باسم الشخص الذي باع عليه هو ولا تكتب باسمه لما يترتب على ذلك من إجراءات ومبالغ، فيريد توفير وقته وماله ولكنه جعل بدل ذلك عدم توفير ذمته، وإنما جعل ذمته وقاية لبدنه، وحصوله على المبلغ.
4- أن الشخص إذا باع السلعة على هذا الشخص فإنه يشتريها منه يبيعها عليه، مثلاً: قيمتها 20 ألف يبيعها عليه 25 ألف مؤجلة، ثم يشتريها منه ب20 أو 19 ألف، وبهذا يكون قد باع دراهم بدراهم.
فقصدت التنبيه على هذه المحاذير؛ لأجل أن الأشخاص الذين يشتغلون في البيع بالتقسيط يتجنبونها، وأن الخير والبركة في اتباع شرع الله -جل وعلا-، فلا يجوز للشخص تقديم مصلحته على مخالفة شرع الله
-جل وعلا-؛ لأنها مضرة دينية وقد تنقلب مضرة دنيوية، وبالله التوفيق.
[1] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب البيوع، باب ما جاء في الرجل يبيع ما ليس عنده (3/283)، رقم(3503)، والترمذي في سننه، أبواب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك(3/526)، رقم(1232)، والنسائي في سننه، كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع(7/289)، رقم(4613)، وابن ماجه في سننه، كتاب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك(2/737)، رقم(2187).