Loader
منذ 3 سنوات

رجل تاب من المعاصي؛ ولكنه لا يستطيع رد المظالم على أهلها


  • فتاوى
  • 2021-09-05
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1331) من المرسل السابق، يقول: كنت في فترةٍ من الزمن أرتكب بعض المعاصي، ولكني والحمد لله تبت، ورجعت إلى طريق الحق، ولكن أعرف أن من شروط التوبةِ رد المظالم إلى أهلها، فهل عليّ رد المال لمن أخذته منه ظلماً في فترات بعيدة، لا أستطيعها، وأحياناً لا أذكرهم لكثرتهم، واختلاف أماكنهم، وأيضاً لجهلي لمقادير تلك الأشياء التي أخذتها، فما نصيحتكم لي في هذه الحالة؟ وما شروط التوبة إجمالاً؟

الجواب:

أنه ينبغي للسائل أن يشكر نعمة الله عليه الذي وفقه، وأيقظه من هذه الغفلة العظيمة التي مرت عليه فيما مضى من حياته من جهة استمراره في اغتصاب حقوق الناس، ثم إن الأموال التي أخذها لا بد أن يعيدها إلى أربابها، فالمال الذي يعلم صاحبه، ويعلم مقداره، يرده عليه، ويستبيحه، والمال الذي يعرف مقداره، ولكن صاحبه قد مات، وله ورثة، فإنه يرد المال إلى ورثته، ويخبرهم بما سبق. والمال الذي يعرف مقداره، ولكنه لا يعرف صاحبه، فهذا يتصدق به على نية أنه لصاحبه.

والأموال التي لا يعرف مقدارها، ولا يعرف أصحابها، هذه ينبغي عليه أن يجتهد، وأن يخرج من ماله ما يغلب على ظنه أنه كافٍ، ومقابلٍ للأموال التي أخذها سابقاً، ويتصدق بهذه الأموال على نية أصحابها؛ لإن الله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض، ولا في السماء، والله يعلم أصحابها، وإذا صدقت النية من هذا الشخص، فارجو أن يعفو الله عنه، هذا من جهة المال.

وأما من جهة شروط التوبة إجمالاً، فالتوبة قد تكون من حقوق الله، وقد تكون من حقوق الخلق، فإذا كانت من حقوق الله جل وعلا، فلابد من توافر أمورٍ ثلاثة: الأمر الأول: أن يعترف بالذنب، والثاني: أن يندم على ما صدر منه. والثالث: يعزم على ألا يعود إلى هذا العمل. وإذا كانت من حقوق المخلوقين هذه الشروط الثلاثة. ومعها شرطٌ رابع، وهو: أن المال يرد إلى صاحبه، وإذا لم يكن مالاً، فبإمكانه أن يستبيح الشخص الذي اقترف ذنباً بسببه، وإذا لم يتمكن لسببٍ شرعيٍ، يدعو له في ظهر الغيب، والإنسان إذا صدق مع ربه، فالله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي: « أنا عند ظن عبدي بي ».

ولا شك أن الأدلة الدالة على مشروعية التوبة من جهة القرآن، ومن جهة السنة كثيرة، ولكني أنبه على آية من القرآن، وفيها كفاية إن شاء الله جل وعلا، قال تعالى:"قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"[1]، فالعبد لا ينبغي له أن يقنط من رحمة الله جل وعلا، بل عليه أن يصدق مع ربه، وأن يحسن الظن به.

 وأسأل الله سبحانه وتعالى الهداية للسائل، ولجميع المسلمين، ومما يحسُنُ التنبيه عليه بهذه المناسبة: أن أمثال هذا الشخص كثيرون، فعلى المستمعين الذين يسلكون هذا المسلك، أن ينتبهوا لأنفسهم، وأن يعودوا إلى ربهم، وأن يطبقوا شرعه في هذا الخصوص. وبالله التوفيق.



[1] الآية (53) من سورة الزمر.