معنى قوله تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} ؟
- فتاوى
- 2022-02-23
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10297) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: ما معنى قوله -تعالى-: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}[1]؟
الجواب:
الإنسان بطبيعته اجتماعي يحب أن يجتمع مع غيره. والميول الذي عنده للاجتماع بحسب التربية التي نشأ عليها، فمن الناس من يتربى تربية إسلامية ينشأ عليها ويُنشئ عليها أولاده، ومنهم من يتربى تربية ليست إسلامية وينشئ عليها أولاده؛ فالأول يميل إلى الاجتماعات التي يكون فيها ذكرٌ، والثاني يميل إلى الاجتماعات التي فيها فسقٌ؛ سواءٌ فسق من ناحية القول، أو كان من جهة الفعل، ويتلذذ بذلك إن وقع منه أو وقع عليه أو سمعه، ولهذا الرسول ﷺ كان جالساً في المسجد فجاء ثلاثة نفر، فالأول جلس يستمع إلى ما يقوله الرسول ﷺ، والثاني وقف يفكر ثم جلس، والثالث خرج من المسجد، فلما انتهى الرسول ﷺ من حديثه مع الصحابة -رضي الله عنهم- قال: « ألا أخبركم بخبر الثلاثة؟ » قالوا: بلى يا رسول الله، قال: « أما الأول فأوى فآواه الله، وأما الثاني استحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث أعرض فأعرض الله عنه ».
وبناء على ذلك فإن الشخص محتاجٌ إلى أن يحسن اختيار الأشخاص الذين يجتمع معهم؛ وذلك من أجل أن يستفيد في هذا الاجتماع في أمر دينه، في أمر آخرته، في أمر دنياه. ويجب عليه أن يجتنب المجالس التي يجري فيها من الأفراد الجالسين ما لا تحمد عقباه من الأقوال والأفعال. وإذا حصل أن الشخص جلس في مجلسٍ وقد يأتي أشخاصٌ لا يعرفهم، أو يعرفهم ولكن لا يعرف حقيقتهم ويجري منهم من الكلام ما يكون محرماً؛ كالاشتغال في الغيبة، أو النميمة، أو قول الزور، أو ما إلى ذلك من الأمور المحرمة، أو يأتون بآلات ملاهٍ من أجل أن يستمعوا إليها، وفي هذا يقول الله -جل وعلا-: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[2] فالشخص إذا جمعه مثل هذا المجلس عليه أن يغير المنكر بقدر استطاعته: « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه... ». فإن لم يتمكن من تغيير هذا المنكر فإنه يعرض عنه ويقوم عن هذا المجلس. وبالله التوفيق.