أجير خاص يعمل في مكان بضائعه رديئة، وأخبر صاحب المحل بذلك، فهل يستمر في العمل أم يغيره؟
- البيوع والإجارة
- 2021-12-12
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (3608) من المرسل أ. أ. د، يقول: أعمل في محلٍ البضائعُ غالية جداً عن المعتاد، والبضائع بعضها رديء، وصاحب المحل يبدو أنه لا يبالي مع ذلك، فهل أبقى عنده؟ وهل أكافئه على عدم أمانته في البيع؟ أرجو توجيهي، علماً بأني مغترب من أجل المال، حتى أعفَّ نفسي بالزواج، ومن أجل أن أؤدي فريضة الحج.
الجواب:
هذا السؤال من أغرب الأسئلة؛ لأن هذا نصحٌ من الأجير، والمفروض أن النصح يكون من صاحب المحل، ومن قواعد الشريعة: أن الأصل في الأشياء السلامة، فجميع البضائع التي تكون معروضةً للبيع مفروضٌ فيها السلامة، وعندما يعلم صاحب المحل بأن بعض هذه البضائع خارج عن هذا الأصل، بمعنى: إن فيها عيباً، وقد يكون العيب ليس من نفس البضاعة في حدِّ ذاتها من جهة طول مدتها، وحصول حرق مثلاً، لكن قد تكون البضاعة رديئةً من الصانع، ويبيعها التاجر على أنها أصلية، فتأتي إليه ويقول لك: هذه أصلية مائة في المائة، وعندما تأخذها ويراها شخصٌ من المتخصصين في هذه البضاعة يقول لك: هذه رديئة للغاية، فحينئذٍ يكون الغش من ناحية التصنيع، ويعلم عنه صاحب المحل، ولكنه يخفيه عليه. وقد يكون العيب في البضاعة، وعدم السلامة فيها لا يرجع إلى أصل التصنيع؛ ولكن يرجع إلى أمرٍ عرض لها؛ كحصول كسرٍ، أو حصول حرقٍ ويبيعها؛ وبخاصةٍ إذا كان المشتري أعرابياً، أو امرأة، أو طفلاً صغيراً، أو شخصاً لا يحسن المماكسة. فيبيعه هذه السلعة بما فيها من العيب. والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يقول: « من غشنا فليس منا ». هذا بالنظر إلى صاحب المحل.
وأما الأجير فالواجب عليه أن يتقي الله -جلّ وعلا-، وأن يسير مع العملاء على الوجه الذي يرضي الله، وليس على الوجه الذي يرضي صاحب المحل. فالوجه الذي يرضي الله -جلّ وعلا- أن يكون هذا الأجير صادقاً فيما يعرض من المعاملات، وذلك أنه لا يمدح شيئاً لا يعرفه، وإذا كان في السلعة عيب فإنه يُبيّنه؛ كون السلعة تشترى وتبقى في المحل؛ لكن المهم هو أنه لا يبيع السلعة ويلحقه إثمٌ بسبب غشه لهذا لمشتري، فواجبٌ على صاحب المحل وعلى الأجير أن يسيرا على طريقٍ واحدٍ وهو الصدق في المعاملة. هذا من جهة ما يعرض بالسلعة، ويكون الغش في هذا المجال.
لكن هناك غشٌ آخر وهو الزيادة في السعر بشكلٍ يلفت النظر، فيستغلون فرصة المشتري، فإذا كانت قيمة السلعة عشرة ريالات قال له: بثلاثين. ويقول: إن هذا لا يضر، إما أن يشتريها وإما أن يطلب التخفيض، والمفروض أن الشخص صاحب المحل تكون له قاعدة معقولة في الأسعار، وتكون هذه القاعدة جارية على قاعدة: لا ضرر ولا ضرار، والله -سبحانه وتعالى- هو الذي يرزق، وهو الذي يُفقر، "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ"[1] "نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ"[2]، فيمكن أن يضمر الإنسان الضرر بالناس الذين يشترون؛ لكن يمحق الله تجارته في لحظةٍ من اللحظات، إما أن يغرق له مالٍ قادم في البحر، وإما أن يُصاب محله بحريق، أو بغير ذلك من الأسباب؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- على كلّ شيءٍ قدير، والواجب على الشخص أن يتقي الله -جلّ وعلا-، فإن الله رقيبٌ عليه. وبالله التوفيق.