Loader
منذ سنتين

حكم التعدد في النكاح، وتفسير قوله تعالى: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ"


الفتوى رقم (2353) من المرسل م. ج. م، من الإسكندرية، يقول: أرجو إفادتنا عن مدى صحة هذا القول: الأصل في الزواج هو التعدد. وهل معنى ذلك الأفضل أن يتزوج الرجل أكثر من امرأة؟ وإن تعدد الزوجات سنة عن النبي ﷺ يجب إحياؤها مرةً أخرى، مع الرجاء تفسير قوله  تعالى: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ"[1].

الجواب:

أحوال الناس تختلف: فمن الرجال من لا تكفيه زوجةٌ واحدة، إما من الناحية الجنسية، أو من ناحية ظروف عمله، ومتطلبات حياته تحتاج إلى أن يكون عنده تعدد من ناحية الزوجات.

ومنهم من تكفيه واحدة، ومنهم من تكون عنده مناعة من ناحية الجسم، فيتزوّج زوجة ويرزق منها بأولاد ثم تكبر، ولا تكون في حالةٍ كافيةٍ لمتطلبات الحياة الزوجية، فيحافظ عليها وعلى أولادها من ناحية النفقة، والكسوة، والسكنى، والتربية للأولاد ومراقبتهم، وغير ذلك مما تتطلبه حالة هذه الزوجة، وحالة الأولاد، فيتزوج زوجةً أخرى من أجل أن يقيم أمر نفسه، فهذا تعدد من أجل الجمع بين المصلحتين: بين مصلحته، وبين مصلحة أولاده، وقد تصاب المرأة بمرض، لا بكبر، ويكون -أيضاً- عندها أولاد، ولا يستحسن أن يطلقها، فيتزوج زوجةً أخرى مع هذه الزوجة، ويحافظ عليها وعلى أولادها.

        المقصود: إن التعدد له أسباب كثيرة، وكما أن له أسباباً، فله مصالح مترتبة على وجوده، بالنظر إلى تعدد الأسباب، وإلى تعدد المصالح وتنوّعها فيما يتعلق بالزوج والأولاد، والزوجات اللاتي حصل بينهنّ تعدد جاءت مشروعية التعدد، وعلى هذا الأساس الله تعالى يقول: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى"[2]؛ يعني: اثنتين، "وَثُلَاثَ"؛ يعني: ثلاثاً، "وَرُبَاعَ"؛ يعني: أربعاً، ولا يجوز للإنسان أن يتجاوز هذا العدد. فمن استقامت أموره بالواحدة فيها كفاية، ومن استقامت أموره بالاثنتين فيها كفاية، ومن استقامت أموره بالثلاث فيها كفاية، ومن لا تستقيم أموره إلا بالأربع ففيها كفاية.

أما ما يفعله بعض الناس من ناحية اللعب ببنات الناس، يتزوّج وإذا أخذ له فترة شهر، شهرين، ثلاثة أشهر طلقها، وقد يكون معها ولد، وقد يكون معها بنت، فيكون في هذا إفساد بالنسبة للأولاد؛ لأنهم إذا حصل فرقة بين الأب وبين الزوجة؛ فإنه سيحصل عليهم شيء من الضرر بسبب هذه الفرقة؛ لأن الأب إذا تزوج زوجةً أخرى فإن الأولاد لن يجلسوا عند زوجته ولن ترغبهم، وإذا تزوجت أمهم فإن زوجها لن يرغب وجود هؤلاء الأولاد.

فالمقصود أن بعض الناس يسلك مسلك التعدد؛ بمعنى: إنه كلما أخذ له فترة يتزوج واحدة أو اثنتين، وأخذ معها فترة ثم بعد ذلك طلقها !

فالإنسان يتزوج للحاجة، ولا يطلّق إلا إذا كانت المصلحة راجحةً في الطلاق، وفي ذلك مصلحةٌ له، ومصلحةٌ للزوجة، ومصلحةٌ للأولاد، ومصلحةٌ -أيضاً- للمجتمع من جهة ألا يكثر في هذا المجتمع الأولاد الذين يتسيبون، ولا يجدون من يقوم برعايتهم بسبب انشغال والدهم، وبسبب انشغال والدتهم. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (3) من سورة النساء.

[2] من الآية (3) من سورة النساء.