Loader
منذ سنتين

حكم مصافحة النساء للرجال وهل هو من خصائص النبي ﷺ؟


الفتوى رقم (2453) من المرسل ع. ع، من محافظة الشرقية، يقول: أرى بعض الناس أن مصافحة النساء بالنسبة للرجال من خصوصيات النبي ﷺ في قوله: « إني لا أصافح النساء ». ويقولون: إن عمر صافح النساء، فهل هذا صحيح؟

الجواب:

من المعلوم أن أحكام الشريعة ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: الأحكام الخاصة بالرجل.

       والصنف الثاني: الأحكام الخاصة بالنساء؛ كالحيض وما يتصل به من أحكام؛ هذا من خصائص النساء فلا يدخل فيه الرجال.

مثلاً: جعل الطلاق بيد الزوج هذا من خصائص الرجال. ولا يسوغ له أن يفوض هذا الأمر إلا لمن يصح تفويضه إليه؛ لكن المرأة لا تملك أن تطلق زوجها، والرجل يملك أن يطلق زوجته.

والصنف الثالث: ما كان مشتركاً بين الرجال والنساء.

 وبناءً على هذا التقسيم يمكن أن يُقال: إن الأصل في الشريعة أن أحكامها عامةٌ للرجال والنساء، وأن الرجال لا يخصون إلا بما دلّ الدليل على الخصوصية، والنساء لا تحصل لهنّ خصوصية؛ إلا إذا دلّ الدليل على ذلك، وما لم يدل دليل على خصوصية الرجال به، أو خصوصية النساء به، فإنه يبقى على عمومه.

      وبناء على هذا الأصل، فالرسول -صلوات الله وسلامه عليه- إذا فعل فعلاً أو قال قولاً فإن الأصل فيه العموم؛ بمعنى: إنه مبلغٌ عن الله من جهة، وفردٌ من أفراد الأمة من جهةٍ أخرى، فإذا فعل فعلاً، أو قال قولاً، فهذا فيه تبليغ، وقد طبّقه في نفسه، ويلزم جميع الناس أن يأخذوا بهذا الأمر إذا ورد ما يدل على خصوصيته، أو وجّه الخطاب لأحدٍ من الناس، وقرن بخطابه ما يدل على الخصوصية، ففي مثل قوله -تعالى- في المرأة التي ذكرها الله تعالى في سورة الأحزاب بقوله: "خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ"[1]، فكلمة "خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ"[2] دليل على خصوصيته. « وفي جوابه ﷺ للرجل الذي ذبح شاةً قبل الصلاة في يوم العيد، وجاء يستفتي الرسول ﷺ هل تجزئه أم لا؟ قال له: شاتك شاة لحمٍ، فذكر له أن عنده عناقاً، فقال له: اذبحها ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك »[3]. فقوله ﷺ: « ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك »، هذه قرينة لفظية دالة على الخصوصية.

فإذن بالنسبة للرسول ﷺ الأصل فيما جاء عنه العموم، إلا إذا دلّ الدليل على خصوصيته هو، وما وجّهه إلى أفراد الأمة، فالأصل فيه العموم، إلا إذا دلّ الدليل على الخصوصية.

وبناءً على جميع ما تقدم فما ذُكر في السؤال ليس بصحيح من ناحية خصوصيته ﷺ؛ لأنه عمل ذلك على سبيل التشريع، وما نسب عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فإن هذه النسبة ليست صحيحة. وبالله التوفيق.



[1]من الآية (50) من سورة الأحزاب.

[2] من الآية (50) من سورة الأحزاب.

[3] ينظر: صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب الأكل يوم النحر(2/17)، رقم(955)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصيد والذبائح، باب وقتها(3/1553)، رقم(1961).