Loader
منذ سنتين

حكم الزواج من ابنة عمه التي رضعت مع أخيه


الفتوى رقم (2566) من المرسل السابق، يقول: لدي ابنة عم رضعت مع أخي، هل يحل لي الزواج منها؟ مع العلم بأني لا أعرف كم رضعةً رضعت، ووالدتي توفيت؟

الجواب:

مسائل الرضاع تكثر، ويحصل فيها شيءٌ من الاشتباه؛ وبخاصةٍ إذا كانت المرضعة متوفاة، أو كانت فاقدةً لعقلها، ومن المعلوم أن الأصل في هذا الباب هو جواز النكاح، ما لم يثبت مانع من الموانع، ومن الموانع أن يكون الرضاع ثابتاً، وأن يكون في الحولين، وأن يكون خمس رضعاتٍ فأكثر، فهذه شروط ثلاثة، فإذا ثبت هذا الرضاع صار مانعاً من الزواج؛ لكن يبقى أمرٌ آخر وهو: أن هذه المسألة حصل فيها شيءٌ من الريبة، والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- يقول: « دع ما يريبك إلى مالا يريبك ». وبإمكانك أن تعمل بالاحتياط في هذه المسألة من وجهين:

الوجه الأول: أنك لا تتزوجها؛ لاحتمال أنها قد تكون رضعت رضاعاً يحرّمها عليك في واقع الأمر، وأنت لم تتبيّن ذلك في ظاهر الأمر.

الوجه الثاني: أن كونك تجنب نكاحها لا تكون من محارمك؛ بمعنى: إنه لا يجوز لك أن تخلو بها، فلا تقول: حرمت عليّ، وحينئذٍ لا مانع من الخلوة بها، والسفر بها، وتكون أختاً لي، فأنت تعمل بالاحتياط من جهة تجنب نكاحها، وتعمل بالاحتياط من جهة أنها لا تكشف وجهها لك، ولا تسلّم عليها. ولو أن بعض الناس الذين تحصل عندهم شبهةٌ في الرضاع يسلكون هذا المسلك؛ لحصل في ذلك راحة لأنفسهم؛ لأن بعض الأشخاص قد تجرأ ولم يأخذ بالاحتياط، وبعد فترةٍ تبين له أنها أخته من الرضاع على وجه الحقيقة، فقد انكشف له الأمر بوجود دلائل تثبت أنها أخته من الرضاع؛ بمعنى: إن الشروط متوفرة، وبذلك حصلت الفرقة بينه وبينها، وخسر ما قدّمه لها من مهر. منهم من كان الزمن قريباً ولم يرزق بأولاد، ومنهم من كان الزمن بعيداً؛ يعني: بين عقد النكاح وبين الفرقة، وحصل بينهم أولاد. فالواقع أن كون الإنسان يأخذ بقاعدة الاحتياط في أمور دينه، هذا يريحه، ويكون قد عمل بقوله ﷺ: « دع ما يريبك إلى مالا يريبك ». وكذلك قوله ﷺ: « الحلال بيّن والحرام بيّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه.... » إلى آخر الحديث.

فعلى الإنسان إذا اشتبه عليه أمرٌ من الأمور عليه أن يتوقف عنه، حتى ينكشف له الأمر، وإذا لم ينكشف فإنه لا يزال متوقفاً. وبالله التوفيق.