Loader
منذ سنتين

توجيهكم لمن يكثر نقد الآخرين حيث لا يخلو جلسة من قولهم: أخطأت في كذلك، وأخطأ فلان في كذا


  • فتاوى
  • 2022-03-05
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11832) من مرسل من خارج المملكة، يقول: بعض الناس يكثر نقدهم للآخرين حيث لا يخلو جلسة من قولهم: أخطأت في كذلك، وأخطأ فلان في كذا ويقيّمون الناس على هذا الأساس، فما توجيهكم؟

الجواب:

        من المعلوم أن المسلم له حرمة ومن حرمته كف الأذى عنه؛ سواء كان الأذى من جهة القول، أو كان الأذى من جهة الفعل، أو من جهة المال، أو بأي وجه من الوجوه التي تؤذيه.

          والشخص عندما يجلس في مجلس ويتناول أشخاصاً غائبين عن هذا المجلس فهذا الكلام يقوله وهو قدحٌ فيهم يُكتب في صحيفة عمله، فإن الله -سبحانه وتعالى- قال: {إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)}[1] ويقول -جل وعلا-: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[2]، فقد وكل الله ملكين للإنسان أحدهما على يمينه والثاني على يساره من صلاة الفجر إلى صلاة العصر، وملكين من صلاة العصر إلى صلاة الفجر يكتبان الحسنات والسيئات.

فإذا عمل الإنسان حسنة كتبها كاتب الحسنات، وإذا عمل سيئة فملك السيئات يستأذن ملك الحسنات في كتابتها المرة الأولى فيقول له: دعه لعله يستغفر. وفي المرة الثانية كذلك، وفي المرة الثالثة يأذن له بكتابتها. هذه الصحائف تعرض على الله يوم الإثنين والخميس فهو -جل وعلا- يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، ثم إن هذه الصحائف تطوى فإذا جاء يوم القيامة يقال للشخص: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً، ويقول الله -جل وعلا-: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)}[3] ويقول -جل وعلا-: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)}[4] إلى آخر الآية ويقول الله -جل وعلا-: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[5].

وأنت عندما تنكر يشهد عليك سمعك، ويشهد عليك بصرك، ويشهد عليك جلدك، وتشهد رجلك، وتشهد يدك. وفوق ذلك كله الأرض تشهد عليك بما عملت عليها.

وعلى هذا الأساس كله يجب على الإنسان أن يتنبه للكلام الذي يُريد أن يقوله، فإن كان الكلام الذي يُريد أن يقوله يؤجر عليه فإنه يتكلم، فإذا كان يأثم فيه فالواجب عليه أن يكف لسانه. فقد سأل معاذ الرسول ﷺ لما قال له الرسول ﷺ: « كف عليك هذا » يعني اللسان؛ لأنه قال: أوصني. قال: كف عنك هذا؛ يعني: لسانك، قال: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذونا على ما نتكلم به؟ قال: « ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم -أو قال على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم ». وبالله التوفيق.



[1] الآيات (10-12) من سورة الانفطار.

[2] الآية (18) من سورة ق.

[3] الآيتان (13-14) من سورة الإسراء.

[4] الآيتان (19-22) من سورة فصلت.

[5] الآية (49) من سورة الكهف.