ما معنى قول الله -تبارك وتعالى-: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}؟
- التفسير
- 2022-02-01
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10360) من المرسل أ. إ من القصيم المِذنب، يقول: ما معنى قول الله -تبارك وتعالى-: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ}[1]؟
الجواب:
الرسول ﷺ في دعوته للناس ليدخلوا في دين الله -جل وعلا- منهم من يستجيب له دون شروط، ومنهم من يشترط للدخول في الإسلام. وهذه الآية في بيان وفد من وفود العرب وهم وفد ثقيف، حينما جاؤوا للرسول ﷺ وأرادوا أن يدخلوا في الإسلام اشترطوا عليه شروطاً وذلك من أجل أن يدخلوا في الإسلام. وكان ﷺ حريصاً على دخولهم في الإسلام فحصلت مفاوضات. فبعض الشروط التي رأى أنه ليس فيها شيء من الناحية الشرعية وافق عليها، وفي بعضها امتنع؛ فامتناعه هذا من تثبيت الله -جل وعلا- له.
وهذه الآية تقرر مبدأ من مبادئ هذه الشريعة، وهذا المبدأ هو بيان موقف أعداء الله -جل وعلا- من هذا الدين، وبيان موقف المتمسك بهذا الدين. وقد جاء هذا المبدأ في عدة مواضع من القرآن؛ كما في قوله: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً}[2]، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}[3]، {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)}[4]، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}[5]. فأهل الكفر يودُّون من المسلمين أن يتركوا هذا الإسلام ويلحقوا بالكفر وبأهله، ولهذا قال -تعالى-: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[6].
وعلى هذا الأساس يحتاج المسلم إلى أن يكون على يقظة تامة مما يحوكه أعداء الإسلام ضد الإسلام وضد المسلمين جملة، أو ضد فرد من أفراد المسلمين، فالكافر لا يمكن أن يُضمر خيراً للمسلم، ولا يمكن أن يعمل خيراً للمسلم إلا إذا كان على سبيل المقايضة؛ بمعنى: إنه سيأخذ أكثر مما يبذله من النفع.
وعلى المسلم أن يستعين بدعاء الله -جل وعلا- أن يثبِّته على هذا الدّين. وألا يغتر بجميع الأمور المغرية التي من شأنها أن تُضعف تمسُّكه بهذا الدين. وبالله التوفيق.