تفسير قول الله -عزوجل- : "اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ......"
- التفسير
- 2021-12-06
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (2588) من المرسل أ. س. ب من الدمام، يقول: يقول الله -عزوجل- : "اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ"[1]. ما تفسير هاتين الآيتين؟
الجواب:
هذه الآية وردت في سورة الشورى، وهي تشتمل على توجيهٍ عظيمٍ للناس عموماً، ففيها الأمر بالاستجابة إلى دعوة الله -جلّ وعلا- إلى دينه، وإلى تطبيق شرعه، مادام الإنسان في هذه الحياة من قبل أن يكون الإنسان على حالةٍ لا يتمكن من الاستجابة، فعندما يأتيه الموت ويتمنى أن يرجع إلى الدنيا، وأن يؤخّر عنه الموت من أجل أن يتزوّد من الأعمال الصالحة إذا كان قد فرط، أو أن يتوب إلى الله من الأعمال القبيحة إذا كان قد فرّط في شيءٍ منها، أو أن يعود إلى الإسلام إذا كان كافراً، ففي هذا الوقت لا ينفعه ذلك.
وليس هناك أحدٌ ينفع من دون الله -جلّ وعلا-، فالعبد صائرٌ إلى الله لا محالة، وهو المتصرف -جلّ وعلا- في عباده، وليس هناك أحدٌ ينفع من دون الله -جلّ وعلا-، ليس فيه أحدٌ يعارضه في ملكه، وفي أمره، وفي تصرفه، فليس هناك مكانٌ يكون فيه الإنسان ويحتجب فيه عن الله -جلّ وعلا-، وليس هناك أحد ينكر على الله -جلّ وعلا- ويمنعه من تصرفه، فجميع الأسباب منقطعة، ثم بعد ذلك يقول الله -جلّ وعلا- لرسوله: "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ"[2] هذا بيان لوظيفة من وظائف الرسول ﷺ، ففيها بيان أن المشركين الذين دعاهم في هذه الدعوة إذا لم يقبلوها، ولم ينقادوا إلى الإسلام؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- لم يرسل محمداً ﷺ هادياً هداية توفيقٍ وإلهام؛ لأن هداية التوفيق والإلهام من خصائص الله -جلّ وعلا-.
أما وظيفة الرسول ﷺ فإنها هداية الدلالة والإرشاد، ولهذا قال تعالى: "إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ"[3]، فهذا بيانٌ في أن الرسول ﷺ يبلغ عن الله شرعه، وبذلك تقوم الحجة على من بلغته هذه الدعوة.
وبناءً على ذلك فعلى الإنسان أن يتنبه مادام على قيد الحياة من جهة أنه لا يقصّر في الأعمال الصالحة، وأنه لا يرتكب شيئاً من الأعمال القبيحة، وأن يستمر على ترك القبائح، وعلى فعل الأعمال الصالحة حتى يأتيه الموت وهو على حالةٍ مرضية، كما قال -جلّ وعلا-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"[4]، وليس المقصود من قوله: وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أن الإنسان يكون مسلماً حقاً إذا جاءه الموت من عند نفسه من دون الله؛ ولكن المقصود أن يكون متلبساً بالأسباب التي تجعله يختم له بالخاتمة الحسنة، فيكون مات على الإسلام، نسال الله ذلك. وبالله التوفيق.