ما الطريقة المُثلى لحفظ القرآن مع العلم بأنها لمن هم فوق العشرين؟
- حفظ القرآن ومراجعته
- 2022-02-23
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10303) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: ما الطريقة المُثلى لحفظ القرآن مع العلم بأنها لمن هم فوق العشرين؟
الجواب:
الشخص عندما يكون عنده اتجاهٌ لحفظ القرآن فينبغي أن يتبع الخطوات الآتية:
الأولى: أن يحدد الآيات التي تشتمل على موضوعٍ واحد، فكل سورة من السور وبخاصةٍ السور الطوال، وسور المفصل -قصار المفصل- من سورة والضحى إلى آخره. تجد أن السورة تشتمل على كثير من الدروس، وكل درسٍ منها يمثل جانباً من جوانب الشريعة. فعلى سبيل المثال إذا نظرنا إلى أول سورة البقرة وجدنا أن الدرس الأول يشتمل على أربع آيات، ووجدنا أن الدرس الثاني يشتمل على آيتين، والدرس الثالث يشتمل على ثلاث عشرة آية. فالدرس الأول هذا يتعلق بالمؤمنين وصفاتهم وأحكامهم وجزائهم. والثاني يتعلق بالكافرين ويشتمل على صفاتهم وجزائهم. والثالث في المنافقين ويبين مالهم من الصفات ومالهم من الجزاء.
وإذا نظرنا إلى بعض المفسرين؛ مثل: تفسير ابن كثير، وتفسير ابن سعدي نجد أنهم يحددون الآيات التي تكون موضوعاً واحداً ويذكرونها متصلة، ثم يتكلمون على هذه الآيات. وهذا بخلاف من يفسّر القرآن تفسيراً تحليلياً دون تحديد آيات الموضوع الواحد.
الثانية: أن هذه الآيات تشتمل على مفردات، وهذه المفردات تكون لغويةً، وتكون شرعية، فالشخص يحتاج إلى معرفة معاني هذه الكلمات.
الثالثة: أن هذه الآيات تارةً:
القسم لأول: يكون لها سببٌ مقرونٌ بها، ويندرج تحت هذا الكلام جميع ما في القرآن من الآيات المشتملة المصّدرة بصيغة السؤال: (ويسألونك عن المحيض)، (يسألونك عن الأهلة)، (يسألونك عن الشهر الحرام). والمفسرون -رحمهم الله- تولوا بيان ذلك.
القسم الثاني: أن تكون الآيات، لها سببٌ، ولكن هذا السبب لم يذكر في القرآن. فيه كتبٌ مؤلفة من أجل معرفة أسباب النزول.
والقسم الثالث: ما نزل ابتداءً ليس له سببٌ مذكورٌ معه، وليس له سببٌ مدّونٌ في كتب أسباب النزول.
فالشخص يحتاج إلى معرفة هذه الآيات من أي نوعٍ من هذه الأنواع، ويحرص على معرفة سبب النزول.
القسم الرابع: أن القرآن يكون منه ما هو محكم وما هو منسوخ، والمحكم هذا تارة يكون محكماً من جهة الابتداء، وتارةً يكون محكماً بالنظر إلى أنه ناسخٌ لدليلٍ آخر. وهذا يوجد في القرآن في بعض المواضع - الناسخ والمنسوخ -وفي بعضها لم يطرأ عليه نسخٌ أصلاً ، وفي بعضها يُذكر الناسخ في القرآن ولكن المنسوخ لم يذكر.
وقد اعتنى العلماء بهذا في كتب الناسخ والمنسوخ. وما على الإنسان إلا أن يدخر كتاباً من كتب الناسخ والمنسوخ في القرآن وذلك من أجل أن يتميز له ذلك.
بعد هذا الآيات تكون مشتملة على علامات الوقف. وعلامات الوقف هذا وضعت من أجل المعنى، وهذه العلامات منها ما هو وقفٌ واجبٌ وهو يُكتب عليه (م)؛ يعني: لازمٌ، ومنها ما هو محرمٌ ويكتب عليه (لا). ومنها ما هو وقفٌ جائزٌ وهذا يكتب فوقه (ج). ومنها ما يكون يجوز الوقف والوصل وهذا موجودٌ يكون فوق الكلمة حرف (صلي)؛ يعني: صاد معها لام ومعها ياء؛ يعني: وصلٌ ووقفٌ والوصل أولى؛ بمعنى: إن الوقف يكون مكروهاً؛ وهكذا بالنظر إلى الوقف المندوب وهو يكون قافاً ومعها لام وياء؛ يعني: (قلي) أو (قلى) فهذه وقفٌ ووصلٌ والوقف أولى. وفيه تعانق وقف، فهذه علاماتٌ ست وُضعت من أجل الوقف. وهذه العلامات وُضعت من أجل علاقة هذه الجمل بعضها ببعض.
وبناءً على ذلك فإن الشخص يحتاج إلى معرفة هذه الجمل: يعرف معناها، ويعرف علاقة بعضها ببعض. بعد ذلك يحتاج إلى معرفة المعنى العام لهذه الآيات، ثم يحتاج إلى معرفةِ الأحكام التي اشتملت عليها هذه الآيات.
وبعدما يُنهي هذه الخطوات يشرع في حفظ الآيات ويكررها بحسب إمكانية حفظه؛ لأن بعض الناس يحتاج أن يكرر ما يريد حفظه كثيراً؛ يعني: خمسين مرة، ستين مرة. وبعض الناس يحفظ بعددٍ أقل من ذلك. وكل شخصٍ على حسبه، فإذا حدّد الآيات، وعرف المفردات، وعرف سبب النزول، وعرف الإحكام والنسخ، وعرف معاني الجمل حسب علامات الوقف، وعرف المعنى العام، وعرف بعد ذلك ما اشتملت عليه من الأحكام فهذه سبع خطوات. بعد ذلك يكرر هذه الآيات، ولا يهتم بكثرة ما يريد حفظه؛ ولكن المهم هو أن يجمع بين الفهم أولاً وبين الحفظ ثانيا. ولو أنه جلس على هذه الطريقة لحفظ القرآن سنةً كاملة فإنه بعد الانتهاء يكون قد جمع بين حفظ القرآن وفهمه؛ ولكن ينبغي أن يعرف أن هذا الفهم هو يعتبر مرحلة من مرحلتين من معرفة تفسير القرآن، وإلا فمَن أراد أن يفهم تفسير القرآن فإنه محتاجٌ إلى مالا يقل عن خمسة عشر علماً. وهذا لم يسأل عنه السائل ولهذا تركت عدد هذه العلوم. وبالله التوفيق.