الفروق بين الرجل والمرأة في الأحكام الشرعية
- خطاب الرجال، هل تدخل فيه النساء
- 2022-02-01
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10379) من المرسل إ. أ. ح من الرياض يقول: ما الفروق بين الرجل والمرأة في الأحكام الشرعية؟
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- شرع هذه الشريعة وأصلها أنها عامة للإنس وللجن للذكور وللإناث هذا هو الأصل؛ لكن الله -جل وعلا- بيّن فيها أحكاماً خاصة للرجال لا تدخل النساء معهم في هذه الحقوق. وشرع حقوقاً للنساء لا يدخل الرجال معهن في هذه الحقوق.
وفيه كتب مؤلفة في أحكام النساء، وبإمكان السائل أن يأتي إلى مكتبة ما من المكتبات الكبيرة ويسأل عن الكتب الخاصة بأحكام النساء ويأخذ ما يناسبه منها؛ هذا من جهة.
ومن جهة أخرى أن فيه دعوى الآن وهي دعوى على مستوى عالمي، وهي ما يعبِّرون عنه بحريّة المرأة، أو يعبّرون عنه بالمطالبة بمساواة المرأة للرجل، وهم لا يستمدون ما يقولونه من هذه الشريعة؛ وإنما يستمدونه من مصدرين:
أما المصدر الأول: فهو القوانين الوضعية وهذا تشريع بشري وليس بتشريع إلهي. التشريع البشري هذا مبني على رغبة النفوس؛ وكذلك ما يمليه الهوى، وتُمليه ما يسمى بمصالح البلد. وإن كان في حقيقة الأمر من جهة النظر الشرعي أنه مفاسد، فإذا نظرنا إلى هذا المصدر وجدنا أن الله ألغاه في قوله -جل وعلا-: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[1]، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[2]، فإذا وجدنا تشريع الله في جهة، ووجدنا تشريع البشر من جهة أخرى. وأن التشريع البشري مخالف لتشريع الله -جل وعلا- فهل نحن مكلّفون بالأخذ بتشريع الله، أم أننا مكلّفون بالأخذ بالتشريع البشري؟ نحن مكلفون بالأخذ بتشريع الله لقوله -جل وعلا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[3].
وقد يكون المصدر الثاني مصدراً فكرياً مجرّد فكر لا يعتمد على تشريع بشري، ولا يعتمد على تشريع شرعي إلهي. ولا شك أن القول عندما يصدر من شخص ما فإنه يُعرض على شرع الله فإن وافق شرع الله قُبل، وإن خالف شرع الله فإنه يجب الأخذ بشرع الله. وعلى هذا الأساس لا يجوز الدخول في كثير من الأمور وإعطاء حكم عليها من ناحية إجازتها إلا بعد عرضها على شرع الله -جل وعلا-. ومما يؤسف له أن بعض الأشخاص الذين تعلموا ولكن هذا العلم الذي عندهم هو علم لا يؤهلهم إلى الكلام في الأمور الشرعية؛ لأن كل علم يتعلمه الإنسان يكون بِنَية تحتية، تكون هذه البِنَية مصدراً عند هذا الشخص فيما يتعلق بالأمور النظرية والأمور التطبيقية لهذا العلم في الواقع العملي؛ لكن شخص مهندس ميكانيكي أو مهندس بناء، يتكلم في شرع الله في التحليل والتحريم؛ هذا ليس عنده رصيد شرعي يستمد منه ما يُصدِره من أحكام.
وكثير من الذين يتكلمون في وسائل الإعلام في الأمور الشرعية، هم من هذا النوع، يتكلمون في أمور شرعية؛ ولكن ليس عندهم رصيد؛ مثل: من يقول: قيادة المرأة لا علاقة لها بالشريعة، حجاب المرأة لا علاقة له بالشريعة، فهو الذي يحدد المسائل التي يمكن أن تدخل في الشريعة، والمسائل التي لا تدخل.
وإذا نظرت إلى حقيقته من جهة رصيده في الشريعة، قد لا يُحسن الصلاة لو قام يصلي وراقبته مراقبة دقيقة من ناحية تطبيق ما يصدر منه من أقوال أو أفعال على هدي الرسول ﷺ في صلاته لوجدت خللاً كثيراً؛ لكن يكون عنده جرأة من جهة، ويكون عنده اعتداد بالرأي من جهة ثانية؛ ولكنه لم ينظر إلى أنه عنده صفة السفه من الناحية الشرعية؛ فالمقصود هو أن الله -سبحانه وتعالى- بيّن ما يخص الرجال من الأحكام، وبيّن ما يخص النساء من الأحكام، وما عدا ما خصصه الله -جل وعلا- فإنه يكون مشتركاً. وبالله التوفيق.