Loader
منذ سنتين

حكم سفر المرأة بدون محرم


  • فتاوى
  • 2021-12-13
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (3866) من المرسل السابق، يقول: إن زوجتي كانت معي حيث أنا مقيم، لكنها بعد فترة طلبت العودة إلى بلدها، وأصرت على ذلك، فاضطررت أن أسفرها مع خالتها دون محرم، فهل أكون آثماً؟

الجواب:

        الرسول ﷺ يقول: « لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومٍ وليلة إلا ومعها ذو محرم ».

        وجاءت أدلة كثيرة ترجع إلى منع سفر المرأة بدون محرم، وهذه المرأة التي سافرت معها هي محتاجةٌ إلى محرم، فكيف تكون محرماً لهذه المرأة؟

        وعلى هذا الأساس، فهذا العمل الذي عمل لا يجوز، لا بالنسبة لزوجها، ولا بالنسبة للمرأة، فعلى كل واحدٍ منهما أن يتوب إلى الله -جل وعلا-، وألا يعود إلى مثل هذا العمل. وبالله التوفيق.

        المذيع: الواقع شيخ عبد الله، كثيرٌ من الناس تساهل في هذا الأمر، هل من كلمة لعموم المسلمين؟

        الشيخ: إن الشريعة يُنظر إليها من جهة كونها تشريعاً، ويُنظر إلى ما يصدر من الناس من جهة المسائل التي تحدث بسببهم، وهذه المسائل عندما تحدث تُعرض على كتاب الله، وعلى سنة رسوله ﷺ، فإذا كانت هذه الحوادث طُبق عليها الحكم الشرعي بعد عرضها على الكتاب والسنة، فحينئذٍ انتفى المحذور.

        وإذا كانت هذه الحوادث تعمل ؛ ولكن بدون رجوعٍ إلى الكتاب والسنة، كما يعمله كثيرٌ من الناس من جهة أنهم يركزون على ما يعود عليهم بالمال، وصرف النظر عن حل ِالسبب الذي ارتكبوه، وصار سبباً لجلب المال، فهم يهتمون من المال الذي يجمعونه، أو من الخادمة التي يجلبونها، ولكنهم لم يعرضوا هذا التصرف على كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ، ولم يسألوا أهل الذكر، فالله تعالى يقول: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[1].

        وعلى هذا الأساس عندما ننظر إلى مجيء المرأة الخادمة بدون محرم، وعندما نعرضها على الأدلة الشرعية، نجد أن الأدلة دالة على تحريم سفرها بدون محرمٍ.

        وبناءً على ذلك فإن جميع الأطراف المتعلقة بهذا السبب أو بهذه الصورة، كل واحدٍ منهم عليه نصيبه من الإثم، فولي أمرها في بلدها متسبب؛ لأنه أذن في سفرها، ومكتب الاستقدام في تلك الجهة وسيط، ولكنه وسيطٌ في أمر ليس بمشروعٍ فيكون آثماً، وكذلك المكتب الذي يستقدم الشخص الذي يتولى الموضوع يكون آثماً، والمستقدم نفسه يكون آثماً، والمرأة نفسها تكون آثمةً. فجميع الأطراف التي لها تعلقٌ بهذا الموضوع، كلٌ عليه نصيبه من الإثم.

        فعلى كل مسلمٍ أن يتقي الله -جل وعلا-، وأن يراقبه، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. هذا من جهة.

        ومن جهةٍ أخرى: الرسول ﷺ ما نهى عن سفر المرأة بدون محرم، إلا من أجل الحفاظ على كرامتها، وكرامة أهلها، وكذلك كرامة المجتمع الإسلامي، وذلك من أجل تحقيق المصلحة بالنسبة للمرأة وولي أمرها، وكذلك بالنسبة للمجتمع، ودرء المفسدة عن هذه المرأة وعن المجتمع؛ لأن النواحي التنظيمية أو النواحي الشرعية عندما يعمل بها لا شك أن العمل بها يحقق المصلحة، ويدرأ المفسدة، والله -سبحانه وتعالى- قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ"[2]. وفي يوم القيامة يود الولد أن يجد على أبيه طريقاً يأخذ من حسناته، وكذلك الأب يود أن يجد طريقاً على ابنه، من أجل أن يأخذ من حسناته، ولهذا يقول الله تعالى: "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)"[3]، فكل إنسان يوم القيامة يقول: نفسي، نفسي. وعلى هذا الأساس ينبغي أن يتنبه الإنسان في حياته ما دام في زمن الإمكان، ويحاول التخفيف عن نفسه في مجال ما نهى الله عنه، وكذلك ينبغي أن يتنبه في نفسه في باب الأوامر من جهة فعلها. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (43) من سورة النحل.

[2] من الآية (18) من سورة الحشر.

[3] الآيات (34-37) من سورة عبس.