Loader
منذ 3 سنوات

فتاة لا تريد الزواج لأنها ترغب أن تكمل دراستها


الفتوى رقم (5739) من المرسلة ر.ح.ا. من اليمن، تقول: أنا فتاة لا أريد أن أتزوج، ولا أريد الزواج من أجل إكمال الدراسة، وإني واثقة من نفسي ولم أفتتن، وإني واثقة بأني لم أبتلَ بما حرم الله، فهل اتجاهي هذا صحيح، وهل رفضي للزواج ترونه سائغاً؟

الجواب:

        الزواج شرعه الله -جلّ وعلا- ووضع له أحكاماً من جهة عقده، ومن جهة إنهائه، وهذا الزواج أمرٌ لا بدّ منه بالنسبة للرجل وبالنسبة للمرأة، فالله -تعالى- قال: "وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"[1]، وقال ﷺ: « يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ». وقال ﷺ: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ».

        فبالنظر إلى هذا السؤال وأن المرأة تريد أن تكمل دراستها، وتجعل مرتبة الزواج متأخرة، وترد من جاء إليها فنصيحتي لها ولأمثالها: أنه إذا جاء من هو مرضيٌ في دينه وأمانته فإنها تقبله، وبإمكانها إكمال الدراسة بعد الزواج، وهذا قد حصل بالفعل بكثيرٍ من النساء وحصل لهن إكمال الدراسة بعد الزواج، ذلك أن الشخص إذا كان مرضياً في دينه وأمانته فإنه سيساعد زوجته بكلّ ما يستطيع من تسهيل مهمتها لإكمال دراستها؛ لأن وجود امرأة بجانب رجل وهي متعلمةٌ وبخاصةٍ إذا كان العلم شرعياً؛ ففي ذلك مصلحةٌ لهان تكون على بصيرةٍ من أمور دينها بالنسبة لما تريد أن تقدم عليه، وما تريد أن تمتنع عنه، وفيه مصلحة للزوج -أيضاً- فقد يكون محتاجاً إليها في الأمور العلمية التي هي موجودةٌ عندها، قد يكون متعلماً فيضاف علمه إلى علمها، وقد يكون غير متعلمٍ فيحتاج إلى تبصيرٍ وتكون هي الأداة لتبصيره، وفيه مصلحةٌ -أيضاً- في أولادها مستقبلاً حينما تنجب أولاداً فإنها تقوم بتربيتهم وبتعليمهم، وفيه مصلحةٌ أخرى إذا تولت عملاً فإنها ستنفع الجهة التي تتولى فيها العمل، وتستفيد -أيضاً- ناحيةً ماديةً تستعين بها هي ويستعين بها زوجها إذا احتاج إليها ورضيت أن تعطيه شيئاً من ذلك؛ وكذلك تستفيد من هذه المادة في إحسان تربيتها لأولادها وتحقيق ما يحتاجون إليه، وقد يكون في ذلك بر بوالديها.

        فالمقصود هو أن تأخير الزواج مع مجيء من هو مرضيٌ في دينه وأمانته من أجل تغليب جانب الدراسة هذا ليس من المناسب فبالإمكان الجمع بينهما. وبالله التوفيق.

        المذيع: ذكرت أنها واثقة في نفسها أكثر من مرة شيخ عبد الله، هل لكم من تعليق على هذا؟

        الشيخ: الله I هو الذي أوجد الأسباب الكونية، وهو الذي يرتب عليها مسبباتها؛ وكذلك شرع الأسباب الشرعية، وطلب من المكلفين أن يمتثلوا هذه الأسباب، ووعد المطيع بالثواب، ووعد من عصى بما يستحقه من العقاب.

        وهناك سننٌ عادية، فالشخص حينما يرى في نفسه أنه قادرٌ على إيجاد سببٍ، وأن مسببه سيترتب عليه هذا من الأمور التي لا يستطيع الشخص أن يضمنها، فإن الله سبحانه وتعالى قال: "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"[2]. فالله له مشيئة والعبد له مشيئة؛ ولكن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا ينبغي للشخص أن يزكّي نفسه، وأن يصل بهذه التزكية إلى درجة القدرة الكاملة، فالإنسان مأمور ببذل الأسباب العادية المشروعة وتترتب عليها مسبباتها؛ ولكن ما ذكرته المرأة من ناحية أنها في اعتقادها أنها قادرة على الصبر عن الزواج من جهة، وقادرةٌ على منع الوسائل التي يمكن أن تكون وسائل لإفساد أخلاقها هي لا تملك ذلك، بإمكانها أن تعمل ما تستطيع ولكنها لا تضمن ذلك، وهكذا غيرها من النساء ومن الرجال، ولهذا الرسول ﷺ قال: « يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ». وبالله التوفيق.



[1] من الآية (32) من سورة النور.

[2] الآية (29) من سورة التكوير.