Loader
منذ سنتين

حكم مؤاكلة زميل العمل التارك للصلاة


  • فتاوى
  • 2021-12-09
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (3244) من المرسل السابق، يقول: أسكن في مكان عملي، ومعي زميلٌ تاركٌ للصلاة، نصحته كثيراً، فهل عليّ ذنبٌ إذا أكلت معه؟ وهل نأكل من الطعام الذي يعده لنا؟

الجواب:

 الشخص بطبيعته اجتماعي، فلا بدّ من أشخاصٍ يجتمع بهم، والأشخاص الذين يجتمع بهم إما أن يكونوا صالحين، وإما أن يكونوا غير صالحين، ولهم تأثيرٌ على شخصيته، فإن كانوا صالحين أثّروا عليه بصلاحهم، وإن كانوا غير صالحين أثّروا عليه، ولهذا الرسول ﷺ قال: « مثل الجليس الصالح والجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير، فبائع المسك إما أن يحذيك، وإما أن تشتري منه، وإما إن تجد رائحةً طيبة »؛ يعني: إما إن يهدي إليك هدية، وإما أن تشتري منه بمالك، وأقل الأحوال أنك تجد منه رائحةً طيبةً في وقت وجودك عنده.

ونافخ الكير إما أن يحرق ثوبك، وإما أن تجد منه رائحةً كريهة. وإحراق الثوب هذا من الأمور الحسية، وكذلك رائحة الكير الخبيثة؛ ولكن ضرب الرسول ﷺ هذين المثلين وكلٌّ منهما مثل محسوس، من أجل أن يبيّن الأمر المعقول بالأمر المحسوس، وهذه وسيلة من وسائل البيان، وهو تقريب الأمور المعنوية بالأمور الحسية، فالجليس الصالح ينفعك في أمور دينك، وتكتسب منه أعمالاً صالحةً، ويرشدك إلى طريق الخير، وينبّهك عن طريق الشر.

وإذا كان الجليس يحاول منعك عن طريق الخير، ويحثك على طريق الشر، وذلك من أجل أن تكون شريكاً له في هذا العمل، أو أنك تكون معيناً له على هذا العمل، ولهذا يقول علي بن أبي طالبٍ -رضي الله عنه-: « لا يزال الصالح صالحاً حتى يخالط فاسداً، فإذا خالط فاسداً أفسده ».

والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- قال: « المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ».

والشخص يميل إلى نظرائه وأمثاله، كما قال ﷺ: « الأرواح جنودٌ مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف »[1].

 وبناءً على ذلك فينبغي على الشخص أن يختار قريناً صالحاً؛ لأنه ينفعه في دينه ودنياه. ويتجنب القرين الفاسد؛ لأنه يضره في دينه ودنياه.

وكذلك يحصل له نفعٌ في المجتمع وسمعةٌ حسنة إذا كان القرين صالحاً، وتكون له سمعةٌ سيئةٌ ٌفي المجتمع إذا كان قرينه فاسداً، والله -تعالى- يقول: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ"[2].

وبناءً على ذلك كله فإن هذا السائل يجب عليه أن يعتزل هذا الشخص، وهو حينما يعتزله لا يمنعه النصح، فينصحه ويبيّن له ما يترتب على ترك الصلاة من العقوبة في الدنيا، ومن العقوبة في الآخرة، ويسأل الله له الهداية. وبالله التوفيق.



[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب الأرواح جنود مجندة (4/133)، رقم(3336)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب الأرواح جنود مجندة(4/2031)، رقم(2638).

[2] من الآية (22) من سورة المجادلة.