امرأة تشكو تغير ابنها عليها بعد زواجه
- فتاوى
- 2021-07-12
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (5885) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: بعد أن تزوج ابني تغير عليّ، وبدأ ينكر معروفي، ويدافع عن زوجته أمامي ويحملني مسؤولية الأخطاء التي تقع بيني وبين زوجته، ويقول لي: إنك تغارين من زوجتي؛ لأنها أجمل منك. وأنت تحبين المشاكل! مع أن الحقيقة غير ذلك تماماً، أرجو من فضيلتكم التوجيه والنصح.
الجواب:
هذه المسألة يكثر وقوعها وقد يكون السبب الابن أو زوجة الابن أو الأم، أو قد يكون السبب مشتركاً من كلٍ من الزوجة ومن الابن، أو من الزوجة ومن الأم، أو من الأم ومن الابن.
ومن المعلوم أن كلّ واحد من الزوج وزوجته ومن الأم له حقوق وعليه حقوق، فالأم لها حقوقٌ على ابنها، ولها حقوق على زوجة ابنها، ولهذا الرسول ﷺ حينما سأله رجلٌ قال: « يا رسول الله من أولى الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال:أمك قال: ثم من؟ قال: أبوك »، فالأم لها حق عظيمٌ على ابنها وقد قال
-تعالى-: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)"[1]، فلا يجوز له أن يقصّر في حقها، ولا أن يتعدى عليها بسوء أدبٍ لا بسمعه ولا ببصره ولا بيده ولا بلسانه، واجبٌ عليه هذا الشيء؛ وإلا فإن الأمر خطير عليه بالنسبة لما قد يترتب عليه من عقوباتٍ في الدنيا أو عقوبات في الآخرة. وإذا حصل من أمه شيءٌ من التقصير عليه فإنه يتحمل ذلك، ويعتبر ذلك من وجوه البر بأمه، وكما أن للأم حقاً على ابنها فكذلك له حق عليها من جهة أنها لا تسلك معه مسلك الإفراط فتحمله ما لا يطيقه من الأمور المالية، أو تتكلم عليه بكلامٍ لا يجوز لها أن تتكلم به. كما إذا تكلمت بكلامٍ يكون فيه غيبة أو نميمة كلّ هذا لا يجوز لها أن تفعله، وكونها أم لا يُسوغ لها أن تظلم ابنها بأي وجه من وجوه الظلم. وعلى الزوج أن يضع لزوجته منهجاً من ناحية تعاملها مع أمه، فيبين لها الوجوه الحسنة التي تتعامل بها مع أمه، ويبين الوجوه السيئة التي تتجنبها مع أمه.
وبالنظر مع علاقة الأم بالزوجة لا يجوز للأم أن تتعامل مع الزوجة معاملةً يكون فيها إساءة لهذه الزوجة، فلا تبخسها حقها، ولا تتكلم بها عند ابنها بما ليس فيها، فإن الله I يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وإذا فُرض أنه حصل شيء من الخطأ من جهة الزوجة، فإنها تتحمل الأم ذلك في مقابل بقاء هذه الأسرة.
ومن جهة معاملة الزوجة للأم تأخذ بالمنهج الذي وضعه لها زوجها، ويكون هذا المسلك مسلكاً شرعياً ليس فيه إفراط ولا تفريط، فلا يكون فيه ظلمٌ لأمه، ولا يكون فيه تقصير بأي وجهٍ من وجوه التقصير من الزوجة في حق الأم، ولا يجوز للزوجة أن تتدخل بين الأم وبين ابنها فتتكلم مع الابن بما يُحدث فُرقة بينه وبين أمه؛ بل تحرص على لمِ الشمل.
ثم إنه يجب على كلٍ من الزوج والزوجة التنبه إلى أن ما يحصل من كلٍ منهما من المعاملة مع هذه الأم، فإن أولادهم في المستقبل سيتعاملون مع كلٍ منهما بهذه المعاملة، فقد قال ﷺ: « بروا آباءكم تبركم أبناؤكم »، فعندما يقوم الابن ببر أمه يهيئ الله له أولاداً يبرونه في الوقت الذي هو في أمسّ الحاجة إلى البر؛ وكذلك الزوجة عندما تحسن العشرة مع أم زوجها فإن الله إذا رزقها أولاداً في المستقبل تزوجوا فإن زوجة كلّ واحدٍ منهم تتعامل مع هذه الزوجة كتعاملها مع أم زوجها إن أحسنت وإن أساءت "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا"[2]. وبالله التوفيق.
المذيع: أشرتم فضيلة الشيخ في بداية إجابتكم إلى انتشار مثل هذه القضية وعرضها عليكم كثيراً، ولا شك أن المسؤولية متقاسمة بين كثيرٍ من أطراف المجتمع، ولعل فضيلتكم له حديث مع مسؤولية المدرسين أو المعلمين والمعلمات في المدارس لتوجيه النشء إلى احترام كبار السن وتوقيرهم وبالذات الوالدين، والنظر إلى هذه القضية نظرةً شرعية هامة. شكر الله لكم.
الشيخ: من المعلوم أن الأمكنة التي يحصل فيها تجمعٌ يومي أو تجمع أسبوعي؛ هذا التجمع الأسبوعي يكون في مساجد صلاة الجمعة. والخطباء ينبغي أن يتنبهوا إلى معالجة جميع المشاكل التي يحسون أنها موجودة في المجتمع، ومن ذلك ما لكلّ واحدٍ من الوالدين من حقوقٍ وما عليه من حقوق؛ لأنه كما أن الابن لا يجوز له أن يسلك مع أبيه غير المسلك الشرعي، فكذلك الأب لا يجوز له أن يسلك مع ابنه غير المسلك الشرعي.
الواجب على كل منهما أن يسلك مع الآخر السلوك الشرعي وهكذا الأم، فيكون الخطيب متناولاً المشكلة من هذه الجوانب؛ وكذلك التركيز على علاقة زوجات الأبناء بالأب وكذلك بالأم؛ لأنه يحصل كثير من زوجات الأبناء تكون سبباً في التفريق بين الابن وأبيه، أو بين الأم وابنها إلى درجة أن بعض النساء تسأل وتقول: إن ابني وزوجته خرجا من عندي وتركاني في البيت وحدي! ولا شك أن هذا ظلمٌ لهذه الأم.
ومن أماكن التجمع أماكن التدريس؛ وبخاصة المستويات العالية من الكليات ومن الثانويات ومن المتوسطات، فينبغي على الشخص أن يتطرق لمثل هذه الأمور بالنسبة للمدرس وبالنسبة للمدرّسة؛ وهكذا بالنسبة للدعاة؛ سواء كان الداعية موظفاً، أو كان الداعية متبرعاً. وبالله التوفيق.