حكم حفظ القرآن الكريم كاملاً، وإن لم يكن واجباً، فما المقدار الواجب حفظه؟
- حفظ القرآن ومراجعته
- 2021-12-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (3389) من المرسلة ع. ع. س، من جدة، تقول: هل من الواجب على كلّ مسلمٍ ومسلمة أن يحفظ القرآن الكريم كاملاً؟ وإن لم يكن واجباً، فما المقدار الواجب حفظه؟
الجواب:
القرآن كلام الله -جلّ وعلا-، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، فليس هناك نسبة بين كلام الله -جلّ وعلا- وكلام غيره من الناس.
وبما أنه كلام الله -جلّ وعلا- بحروفه ومعانيه، فقد يسّر الله -جلّ وعلا- على الناس حفظه، فقال تعالى: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ"[1] فحفظه ميسور، ومعانيه منها ما يعرفه جميع الناس عموماً، ومنها ما تعرفه العرب من لغتها، ومنها ما يعرفه العلماء، ومنها ما استأثر الله -جلّ وعلا- بعلمه، ومطلوبٌ من المكلّف أن يعتقد ذلك على حسب مراد الله، كماقال الإمام الشافعي -رحمه الله-: (آمنت بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسل الله، وما جاء عن رسل الله على مراد رسل الله)[2]. لأن الله -سبحانه وتعالى- أنزل هذا القرآن، وأعطى الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- مثله كما قال: « ألا وإنني أوتيت القرآن ومثله معه ». والله -جلّ وعلا- قال في شأن الرسول ﷺ: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى"[3]، فالناس يختلفون في قدراتهم، فمنهم من يحفظ القرآن بسهولة، ومنهم من يشقّ عليه حفظه، ومنهم من تشق عليه قراءته نظراً، ومنهم من يسهل عليه قراءة القرآن نظراً. فالناس متفاوتون في ذلك، وكلّ شخصٍ أعلم بحاله بحسب ما أودع الله فيه من الخصائص الفطرية من جهة، وكذلك من ناحية الرغبة في الخير.
وكذلك من ناحية متطلبات الحياة الأخرى؛ ولكن الشيء الواجب على الإنسان أن يتعلّمه هو الشيء الذي لا يستغني عنه في أمر دينه، فمثلاً: يحفظ الفاتحة، ويحفظ جملةً من قصار السور، وذلك من أجل أن يقرأها في صلاته؛ لأنه لا ينبغي له أن يداوم على الاقتصار على فاتحة الكتاب، وفاتحة الكتاب ركن من أركان الصلاة.
ولله الحمد الدولة -جزاها الله خيراً- وسّعت دائرة التعليم بين الذكور والإناث، فهناك رياض الأطفال، وهناك المدارس الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، والجامعية؛ وكلها يُدرّس فيها القرآن، وإن كان تدريسه يتفاوت من ناحية الكم، وكذلك من ناحية الكيف.
فيمكن أن يوجد عدد قليل جداً لا يدخلون هذه المدارس؛ ولكن بجانب هذا مدارس خاصة بتحفيظ القرآن؛ سواءٌ كانت من جهة الدولة، أو كانت من جهة المحسنين. وهذا عامٌ بالنظر للبنين وبالنظر للبنات. ففيه للبنين مدارس لتحفيظ القرآن حكومية، وللبنات مدارس لتحفيظ القرآن حكومية، وفيه مدارس خيرية للبنين، ومدارس خيرية للبنات، وفيه في المساجد.
فتدريس القرآن -ولله الحمد- متيسرٌ الآن؛ لكن الإنسان قد يتساهل ولا يلتحق بشيءٍ من هذه المجالات، وذلك من أجل تعليم القرآن. وكذلك الذين يعلّمون القرآن متيسرون، فبعض البيوت تجد مجموعة كلّهم ممن يحفظ القرآن غيباً، ومنهم من يحسن قراءته؛ لكن الشخص الذي لم يتعلّم القرآن، فهذا قد يصد بنفسه فلا يبذل السبب من جهته.
فالمقصود: أن الشخص ينظر إلى ما يحتاج إليه، ويتعلّم بقدر حاجته، ويؤدي فيه ما كلّفه الله به. وبالله التوفيق.