Loader
منذ سنتين

الآن من الشباب من يقنع بأسلوبه ومنهم من يثير الجدل، هؤلاء الآن يتصدرون للفتوى ما نصيحتكم؟


  • فتاوى
  • 2022-03-07
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (12054) من المرسل السابق، يقول: من يفتي بغير علم منهم ألان من الشباب من يقنع بأسلوبه ومنهم من يثير الجدل، هؤلاء الشباب الآن يتصدرون للفتوى ما نصيحتكم؟

 الجواب:

يقول الله -تعالى-: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)}[1]، ويقول الله لنبيه : {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[2].

فالواجب على الشخص أن يتعلم أولاً العلم ثم بعد ذلك يعلم، ولهذا يقول جل وعلا: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[3] ويقول جل وعلا: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[4] فلا بد من العلم أولاً، ثم العمل به، ثم التكلم وهو الدعوة إليه.

أما كون الإنسان يفسح المجال لنفسه ويستحي من أن يقول: لا أدري، فهذا لا شك أنه لا يجوز له ذلك.

ومن المعلوم أن الصحابة -رضي الله عنهم- عندما يأتي المستفتي فإنهم يتدافعون الفتوى خوفاً من الله -جل وعلا-. وكذلك بعض العلماء مثل الإمام أحمد، يقول: "من ترك لا أدري أصيبت مقاتله". والإمام مالك سئل عن أربعين مسألة تقريباً، وقال في ست وثلاثين: لا أدري وأجاب عن أربع، فقال له السائل: يا أبا عبدالله، تضرب إليك أكباد الإبل من شرقها وغربها وتقول: لا أدري! فقال له: امش في أسواق المدينة وأخبرهم أنك سألتني عن هذه المسائل، وأنني أجبتك عن أربع وقلت في ست وثلاثين: لا أدري.

فالواجب على الإنسان أنه لا يتكلم إلا بعلم. ولا شك أن احتكاك الشباب بعضهم ببعض وكذلك إغراء بعضهم لبعض، وإظهار بعضهم الثقة من بعض آخر يدفع هذا الشخص الموثوق به إلى الجرأة.

وإذا نظرنا إلى الشخص هذا وجدنا أنه هو يتضرر، لماذا؟ لأنه ليس عنده علم، فيكون خالف النهي في قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[5] فهو تكلم بغير علم فيكون آثماً.

 ثم إن هذه الفتوى التي صدرت منه، صدرت إلى شخص أو إلى عدة أشخاص، وسيعملون بها وهي باطلة، وقد يتمكن بعدما يعرف أنه أخطأ في الفتوى من إخبارهم أو إخبار بعضهم وقد لا يتمكن فحينئذ يكون متحملاً لإثم الأعمال التي عملوها بناء على هذه الفتوى التي أفتاهم بها.

ومن ناحية أخرى يُوجِد مع زملاءه طبقة تنتسب إلى العلم، والعلم بريء منها، هذه الطبقة يتواصى بعضهم لبعض على أنهم يقومون بهذه المهمة، كلٌّ في الجهة التي هو ساكن فيها أو المسجد الذي يصلي فيه، وقد يعملون رحلات أو يجتمعون في استراحات، ويلقِّح بعضهم بعضاً في مثل هذه الأمور، ومع امتداد الزمن، وامتداد العمر، وتعلم الشخص، وكذلك ما يعرض له من الأعمال سيأتي عليه يوم من الزمان يندم على ما عمله في سابق أمره؛ لأن حقيقته أنه جاهل مركب؛ لأن الجاهل المركب هو الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري، أما الجاهل جهلاً بسيط فإنه لا يدري، ويدري أنه لا يدري، فهذا عندما يُسأل يقول لا أدري، أما الشخص الذي يتكلم في الأمور يحرم حلالاً أو يحلل حراماً أو يتساهل في أمور لا يجوز التساهل فيها أو يشدد في أمور لا يجوز التشديد فيها، كل هذه الأمور تدل على أنه جاهل جهلاً مركباً.

فالواجب على كل شخص أن يتنبه إلى ما يقوله فإن الملك يكتبه، وبعرض هذا على الله يوم الإثنين والخميس، وسيوقفه يوم القيامة ويسأله لماذا قلت هذا؟ وأفتيت في هذا الأمر؟،فحينئذٍ لا يكون عنده جواب ويكون من الذين قالوا على الله بغير علم ويلقى جزاءه عند الله إن لم يعفو عنه. وبالله التوفيق.



[1] الآيات (44-47) من سورة الحاقة.

[2] من الآية (36) من سورة الإسراء.

[3] الآية (122) من سورة الإسراء.

[4] سورة العصر كاملة.

[5] من الآية (36) من سورة الإسراء.