Loader
منذ 3 سنوات

حكم الزواج العرفي، وما الصورة للزواج الشرعي الصحيح؟


الفتوى رقم (5330) من المرسل السابق، يقول: انتشر بين بعض الناس ما يسمى بالزواج العرفي، ما رأي فضيلتكم فيه؟ وما الصورة للزواج الشرعي الصحيح؟

 الجواب:

        الزواج من الأمور التي جاءت في الشريعة من أجل المحافظة على النسل من جهة وجوده، ونهي عن أمور أخرى تتعلق بالأعراض من أجل المحافظة على النسل من جانب العدم، ورُتبت عقوبات دنيوية وأخروية في حالة المخالفة.

        فالزواج مشروع وله أركانه وشروطه، فعندما يريد الشخص أن يتزوج يتقدم إلى ولي المرأة التي يريد أن يتزوجها ويطلبها منه، وبعد ذلك تجري الأمور، فإذا حصل الاتفاق يتم العقد للزوج على زوجته عن طريق الولي الشرعي بحضور شاهدين؛ هذا زواج شرعي.

        عندما يتعارف الناس على زواج ويسمونه بالزواج العرفي، ويكون مخالفاً لما دلت عليه الأدلة الشرعية من صفة الزواج الشرعي؛ فيتخلف عنه شرطٌ من شروطه كما وقع فيما تعارف عليه بعض الناس في بعض البلدان تخلّف فيه الولي، فيتقدم الشخص إلى المرأة ويطلب منها نفسها وتوافق على ذلك، ويذهبان معاً إلى المأذون ويعقد له عليها، فلا يحضر ولي، ولا يحضر شهود، وقد يحضر شهود وتقدم المرأة نفسها للزوج فتقول: زوّجتك نفسي، فيقول: قبلت هذا الزواج. ولا يكون ذلك حاصلاً من جهة مأذون، وقد يحصل ذلك دون ولي شرعي وبدون مأذون ولا شهود، فتقول: زوّجتك نفسي، فيقول: قبلت هذا الزواج. أهلها لا يعلمون وأهله لا يعلمون! فهذه الصفات من الزواج مخالفة للصفة الشرعية.

        فواجبٌ على كلّ امرأة ألاّ تتزوج إلا على الصفة الشرعية للزواج. وحينما تزوج نفسها دون ولي ولا شهود يكون هذا اسم زواجٍ؛ ولكنه في الحقيقة زنا؛ لأن الرسول ﷺ قال: « لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ».

        والمحافظة على الصفة الشرعية للزواج مراعىً فيها حق المرأة وحق الرجل وحق الأولاد الذين سيأتون مستقبلاً؛ فواجب على المرأة وواجب على الرجل -أيضاً- ألا يقدما إلا على زواج بصفته الشرعية؛ كما يجب على من يكون مسؤولاً في الجهة التي يحصل فيها تعارف بين أفراد الناس على زواج عرفي لا تتوفر فيه الشروط الشرعية للزواج أن يمنع هذا التلاعب بأعراض النساء هذا من جهة. ومن جهة ثانية هذا فيه محافظة -أيضاً- على الأولاد الذين سيأتون مستقبلاً؛ لأن العلاقة الزوجية إذا كانت علاقة شرعية ترتبت عليها أحكامها الشرعية، ومن ذلك ترتيب إلحاق الولد بأبيه؛ ولهذا يقول ﷺ في شأن الحمل الذي ينتج عن زنا: « الولد للفراش وللعاهر الحجر »، فينُسب ولد الزنا إلى أمه، ولا ينسب إلى الزاني. وإذا خرج الولد للمجتمع وشعر بأنه ولد زنا صار نقمة على نفسه من جهة، وعلى أسرته من جهة أمه، وعلى المجتمع ككل من جهة ثالثة. ويقول ﷺ: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته »؛ فعلى كلّ من له علاقة بهذا الموضوع أن يقوم بما أوجب الله عليه؛ لأنه مسؤول عنه يوم القيامة. وبالله التوفيق.