نصيحة لتغافل الناس عن الموت وما بعده
- الأيمان والنذور
- 2022-02-22
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10166) من المرسل السابق، يقول: تغافل الناس عن الموت وما بعده، فهل من نصيحة لهم أحسن الله إليكم.
الجواب:
الرسول ﷺ قال: « يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أمن قلة يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل، تنزع المهابة من قلوب عدوكم، ويوضع في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهة الموت ». ويقول ﷺ: « يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان حب الدنيا وطول الأمل ».
وإذا نظرنا إلى واقع الناس وجدنا من هو غافلٌ غفلة كاملة عن الآخرة، وينشأ عن هذه الغفلة تساهله في أمور دينه من جهة أنه يقصّر، وقد يزيد عن درجة التقصير إلى درجة التفريط الكامل؛ بمعنى: إنه لا يصلي لأنه يشتغل في الدنيا. وبعض الأشخاص يقول: ليس عنده وقت يتسع لأداء الصلوات الخمس؛ لأنه مشغول في أمور دنياه.
وقد يكون التفريط الذي حصل عنده تفريط في فعل بعض المعاصي وترك بعض الواجبات. ومن الناس من يكون حريصاً على أداء الواجبات؛ ولكن تكون عنده غفلة من ناحية باب التطوعات من الأقوال والأفعال والأموال ومساعدة الناس بما يستطيعه هو، ويكون على سبيل الاستحباب وليس على سبيل الوجوب.
ومن الناس من تكون عنده يقظة فيقوم بأداء حقوق الله من واجبات، وترك المحرمات، وترك المكروهات، وفعل المندوبات، ويترك المتشابهات.
وبناءً على ذلك: فعلى الشخص أن ينظر إلى نفسه وليعلم أن الله -جل وعلا- قال في محكم كتابه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[1] وقال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[2] فإيجاد الله الإنس والجن لعبادته، ولهذا الله -جل وعلا- خلق جميع ما في الأرض مما أباحه الله -جل وعلا- لخدمة بني آدم؛ ولكن هذه الخدمة من أجل أن يقوموا بعبادة الله -جل وعلا-، فوفّر لهم الغذاء المادي، ووفر لهم الغذاء الروحي.
فالغذاء المادي بما خلق الله في الأرض لهم من الطيبات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[3] كثير من الآيات وكثير من الأحاديث تدل على هذا المبدأ.
وبناءً على ذلك ينظر العبد هل أدى هذا الحق الذي وجب عليه؛ لأن الله أرسل الرسل للغذاء المعنوي، أرسل الرسل وأنزل الكتب. والرسل بلغت هذه الكتب فقامت حجة الله على خلقه، فالغذاء المادي موجود من عند الله، والغذاء الروحي موجود من عند الله -جل وعلا- وما عليك إلا أن تعبد الله على الوجه الذي يرضيه هذا من وجه.
ومن وجهٍ آخر وكّل الله بك ملائكة يكتبون ما يصدر منك مما هو موافق لشرع الله، وما هو مخالفٌ لشرع الله: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)}[4] هؤلاء الملائكة منهم اثنان من صلاة الفجر إلى صلاة العصر، واثنان من صلاة العصر إلى صلاة الفجر على يمينك، ملك يكتب الحسنات، وعلى يسارك ملك يكتب السيئات، وتطوى هذه الصحائف وتعرض على الله يوم الإثنين ويوم الخميس، وتستنسخ: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[5]، {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)}[6]، فتجد جميع ما صدر منك في هذه الحياة وأنت مكلف بهذا الكتاب: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}[7] فهؤلاء الملائكة يكتبون، وتعرض هذه الكتابة على الله وترصد، وإذا مت وانتهيت من هذه الحياة يكون وضعك في القبر ويكون وضعك في جميع مواقف القيامة، وتكون نهايتك بحسب هذه الأعمال التي عملتها.
ومن هذا يتبين أن هذه الدنيا بجميع ما فيها ما هي إلا وسيلة وطريق للدار الآخرة. فانظر يا عبد الله ما هو الطريق الذي سلكته؛ لأنه لا طريق إلا طريق إلى الجنة أو طريق إلى النار؛ فانظر يا عبد الله الطريق الذي تسلكه هل هو طريق إلى الجنة أو أنه طريق إلى النار. وبالله التوفيق.