حكم تعدد الجماعات واختلاف الناس بينهم بناءً عليها
- فتاوى
- 2021-09-05
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1339) من مرسل من السودان، يقول: لاحظت أن هناك جماعةً يتشاجرون، وعندما أردت الصلح بينهم، تبين لي سبب شجارهم، وأن كلاً منهم ينتمي إلى فرقة معينة، وإلى جماعة معينة، ومن هنا نشأ الخلاف بيننا. وأخونا يثير قضية هذه الجماعات، وإنها تؤدي -في الغالب- إلى الخلاف، وتؤدي إلى أن يغتاب العدو كلّ جماعةٍ على حدة، بم توجههم فضيلة الشيخ؟
الجواب:
يقول الله -جلّ وعلا-:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"[1]، ويقول الرسول ﷺ: « افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلّها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي»، فالرسول -صلوات الله وسلامه عليه- مبينٌ لكتاب الله سبحانه وتعالى كما قال -تعالى-:"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ"[2]، ويقول ﷺ: « ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه»[3]، فقد بيّن عن الله -جلّ وعلا- أكمل بيان، وتلقى ذلك أصحابه من بعده والعدول من أهل العلم، ولهذا يقول ﷺ: « خير القرون قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، قال الراوي: فلا ادري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ». وما يتكلم به أهل العلم المعتبرون فهو بيانٌ لقول رسول الله ﷺ ولفعله ولتقريره، وقد سبق قبل قليلٍ أن ما صدر من الرسول ﷺ من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير ٍ فهو بيانٌ لكتاب الله -جلّ وعلا-، وبيانه ﷺ معصوم؛ وأما بيان أهل العلم فإن العالم يجتهد ويصيب، ويجتهد ويخطئ، فإذا اجتهد وأصاب فله أجران: أجرٌ لإصابته، وأجرٌ لاجتهاده. وإذا اجتهد وأخطأ فله أجرٌ على اجتهاده وخطؤه معفوٌ عنه.
وبناءً على هذه الأمور التي سبقت من كمال الشريعة، وبيان الرسول ﷺ، وأن هذا البيان معصومٌ عن الخطأ، وأن الصحابة تحملوا ذلك؛ وكذلك أهل العلم من بعدهم، وأن بيان غير الرسول ﷺ ليس بمعصومٍ عن الخطأ، فالعالم يجتهد ويخطئ، ويجتهد ويصيب.
بناءً على ذلك كله هذه الفرق التي تفرقت إذا نظر إليها الناظر وجد أن لها أهدافاً متنوعة، فمنها من يكون أداةً لدولةٍ معاديةٍ للإسلام، فهذه الدولة المعادية للإسلام تريد أن تغزو الإسلام والمسلمين بأناسٍ من جلدتهم ومن أبنائهم، وعلى هذا الأساس فيكون الغرض لهذا النوع من الجمعيات سياسياً، هذا النوع يستمد معوناتٍ من تلك الجهات التي تستعين به على أداء المهمة، وينفذ لها ما يتمكّن من تنفيذه ليحقق رغبتها في ذلك، وهذا فيه ضررٌ على الإسلام وعلى المسلمين، ولا يجوز لشخصٍ أن ينتسب إلى جمعيةٍ تقوم بمثل هذا العمل.
ومن الجمعيات من تجري على سنن شخصٍ؛ إما أن يكون فاقداً لمكانته الاجتماعية، أو لمكانته الدينية، أو لمكانته المالية، وحينئذٍ يضع لنفسه وضعاً خاصاً ويسمّي جمعيته باسم، وبعد ذلك يجعل له مريدين، ويفرض عليهم ما يريد فرضه من طقوسٍ يسمّيها دينية، ويفرض عليهم أموالاً يدفعونها له، وهو بهذا يحقق لنفسه -على حسب ظنه- مكانةً دينية، ومكانةً اجتماعية، ومكانةً دنيوية.
وطابع هذا النوع من الجمعيات هو طابع تضليل من جهة، وابتزاز الأموال من جهةٍ أخرى، وتغريرٌ بالمجتمع الذي يعيشون فيه، وكثيرٌ من الجمعيات من هذا النوع؛ فلا يجوز للشخص أن ينتسب إلى هذا النوع من الجمعيات.
وبالجملة فلا يجوز لشخصٍ أن ينتسب إلى جمعيةٍ معينةٍ إلا إذا عرف أنها تسير على وفق كتاب الله وسنة رسوله ﷺ. وبالله التوفيق.
[3] أخرجه أحمد في مسنده(28/410)، رقم(17173)، وأبو داود في سننه، كتب السنة، باب في لزوم السنة(4/200)، رقم(4604).