حكم من أحل من إحرامه خشية على أولاده من الزحام ثم عاد ولبسه واعتمر
- الحج والعمرة
- 2021-12-04
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (2463) من المرسل ع. س. م، يقول: في شهر رمضان الماضي نويت أداء العمرة أنا وزوجتي، وكان معي بعض الأطفال، فأحرمنا وطلبت من أحد الإخوان أن يقابلني في مكة ليأخذ الأولاد؛ خشية أن يضيعوا في الزحام، فإن الوقت قد كان ليلة سبعٍ وعشرين، وهي شديدة الزحام في الحرم؛ ولكنني بسبب تعطل السيارة لم نتمكن من مقابلة قريبي الذي وعدني بأخذ الأطفال، فخشيت على أطفالي أن يضيعوا في الزحام، فما كان مني إلا أن خلعت ملابس الإحرام، ثم ذهبت بزوجتي وأولادي إلى جدة، وتركت الأولاد عند بعض أقاربي، ثم عدت ولبست لباس الإحرام، ورجعت إلى مكة واعتمرت، فهل عملي هذا صحيح؟ وما الذي يلزمني؟
الجواب:
الشخص إذا أحرم بالعمرة، أو أحرم بالحج، فإنه يشترط ويقول عند الإحرام: "فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"، والذي يشترط هذا الشرط إذا عرض عليه عارضٌ من العوارض، يصعب عليه أن يتغلب عليه؛ فإنه يتحلل من إحرامه بحجٍ أو عمرة، وليس عليه في ذلك شيء.
أما الإنسان الذي لا يشترط، ويرفض إحرامه بالعمرة أو بالحج، فلا يجوز رفض الإحرام ابتداءً؛ لأن الرسول -صلوات الله وسلامه- عليه حينما جاءت امرأة تريد الحج قالت: « إنها شاكية، قال لها: حجي واشترطي فإن لك على ربك ما استثنيتِ، فقالت ما أقول: فأخبرها بالاشتراط وهو: « فإن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني »[1]، والرسول -صلوات الله وسلامه عليه- حينما صده المشركون عن العمرة تحلل بذبح الهدي[2]، والله تعالى يقول: "فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ"[3]، فلو كان رفض الإحرام جائزاً لما قال الرسول ﷺ لهذه المرأة: اشترطي، ولما تحلل بذبح الهدي، يعني: بإمكانه أنه يلبس ثيابه ويخرج من العمرة، فهذا يدلنا على أن قوله تعالى: "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ"[4] على أن الإنسان إذا أحرم في حجٍ أو عمرة، سواءٌ كان ذلك فرضاً أو نفلاً؛ فإنه يجب بالدخول.
وبناءً على ذلك فإنه لا يجوز له أن يخرج منه، إلا إذا أداه على الوجه الأكمل، أو حصل مانع، مثل: الإحصار، ويقضي إذا أحصر وتحلل الإحصار، وكذلك إذا فاته الحج فإنه يقضي فيما بعد. لكن هذا الشخص خلع إحرامه، ولبس ثيابه، وسافر إلى جدة ومعه زوجته وأولاده، فبالنسبة له هو إذا كان بعد خلعه لثيابه جامع زوجته، وبعد ذلك لبس إحرامه وأتى مكة، وأدى العمرة، تكون هذه عمرةٌ فاسدة، ويجب عليه القضاء، يجب عليه أن يأتي بعمرةٍ أخرى. أما إذا لم يحصل منه ذلك؛ فإنه قد ارتكب بعض المحظورات، مثل: تغطية الرأس، ولبس المخيط، فالمحظورات التي عملها في هذه الحالة، الأحوط له والأبرأ لذمته أن يكفّر عنها، ويطعم عن كلّ محظورٍ منها؛ لأنها مختلفة؛ يعني: عليه أن يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين.
أما بالنسبة لزوجته فإذا كانت لم تحرم فليس عليها شيء، وإذا كانت قد أحرمت وجامعها زوجها فحكمها حكمه، من ناحية الفساد، ومن ناحية الفدية؛ يعني: هو يذبح شاةً بسبب الفساد، وهي -أيضاً- تذبح شاةً، ففيه المضي في العمرة، وفيه نسك الشاة، فإن لم يستطع يصوم عشرة أيام، والزوجة هي كالزوج في ذلك، وعليها قضاء العمرة.
أما بالنسبة للأولاد فإذا كان قد أحرم بهم والدهم للعمرة، فعليه أن يأتي بهم، وأن يطوف بهم ويسعى على نية إكمال العمرة السابقة؛ لأنهم لا يزالون محرمين. وبالله التوفيق.
[1] ينظر: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين(7/7)، رقم (5089)، ومسلم في صحيحه، كتاب الناح، باب واز اشتراط المحرم للتحلل بعذر (2/867)، رقم (1207).