توجيه للشاب الذي يشك في صحة توبته؛ لأنه يرتكب بعض المعاصي في السر
- فتاوى
- 2021-12-27
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (4886) من المرسل السابق، يقول: إنني شاب ملتزمٌ ولله الحمد وقد التزمت منذ تسع سنوات تقريباً، ومشكلتي أنني ما زلت أشك في صحة توبتي، والسبب أنني أمام الناس أستحضر عظمة الله تعالى ولا أستطيع معصيته وأُبغض من يعصيه سبحانه، وأما في السر وحيث لا أجد أحداً فإنني لا أجد من تلك الخشية شيئاً حتى أنني ربما وقعت في المعصية، وقد وقعت أكثر من مرة، فما السبب في ذلك وهل أنا منافق؟ وقد أصبت بمصائب بسبب هذه الذنوب ولا أدري من أي ذنب وقد كثرت ذنوبي كيف أصحح توبتي؟
الجواب:
الإنسان في هذه الحياة من بلوغه سن التكليف حتى يزول التكليف عنه يتقلب بين أوامر الله تعالى ونواهيه، بمعنى أنه مطلوبٌ منه أن يفعل ما أمره الله به ومطلوبٌ منه أن يترك ما حرم الله عليه، ولم يُطلب منه أن يكون في درجة العصمة في فعل الأوامر وفي ترك النواهي، مطلوبٌ منه أن يحرص، وله أعداء تصده عن الخير وتحثه على السوء من شياطين الجن وشياطين الإنس ومن النفس ومن الهوى، ومن رحمة الله أن الله جل وعلا فتح باب التوبة فقال جل وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[1].
فالتوبة يقبلها الله جل وعلا من كافر إذا رجع إلى الإسلام وتاب إلى الله، ومن المشرك شركاً أكبر إذا تاب إلى الله جل وعلا، ومن المنافق نفاقاً أكبر، ومن المشرك شركاً أصغر، ومن مرتكب كبائر الذنوب من الزنا والسرقة وما إلى ذلك، فيتوب العبد توبةً صادقةً فيما بينه وبين الله يندم على فعله ويعزم على أنه لا يعود إليه يندم على فعله ويعزم على أنه لا يعود إليه.
وإذا كان هذا الحق حقاً من حقوق الخلق حقاً مالياً يعيده إلى صاحبه، وإذا كان قد تكلم في عرض أحد من الناس فإنه أيضاً يستبيحه من هذا، المهم أنه لا بد من توفر جميع شروط التوبة سواء كانت من حق الله، أو كانت من حق مخلوق.
وعندما يتوب الشخص ويحصل منه بعد ذلك خللٌ؛ بمعنى: أنه يختل شرطٌ من شروط التوبة، فلا ينبغي له أن ييأس؛ ولكن ينبغي أن يكون عازماً دائماً على فعل ما أمر الله -جل وعلا-، وترك ما حرم الله جل وعلا، ولا ينبغي أن يسير سير المتلاعب؛ لأن الله جل وعلا مدح الذين يخشونه بالغيب فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}[2]، فإن من يخشى ربه أمام الناس فيجب عليه أن يخشاه أيضاً سراً؛ لأن الله تعالى على كل شيء قدير.
وينبغي أيضاً على الإنسان أن يخشى وقوع العقوبة من الله جل وعلا في أي لحظةٍ أراد الله جل وعلا، فما شاء الله كان وما لا يشاء لم يكن.
وما حصل عليك من النقص الذي لاحظته على نفسك، فهذا كله بسبب ما يحصل منك من المخالفات، فقد يكون منع الرزق، وقد يكون كسل عن أمور الخير، وقد يكون قوة على الإقدام على الأمور التي ليست بطيبة، فهذا من عقوبات الذنوب، فعلى الإنسان أن يحرص بقدر استطاعته أن يتقي الله تعالى في الدقيق والجليل، في السر والعلانية. وبالله التوفيق.