Loader
منذ سنتين

لدي أولاد وأخشى على نفسي من الفتنة ؛ لأني قد أتصل على رجال أجانب تحملوا مسؤوليتنا وأريد النصيحة


الفتوى رقم (11065) من مرسلة لم تذكر اسمها، تقول: أرشدني يا شيخ لوسيلة من وسائل التربية تجاه أبنائي الذين تعبت وتعبت نفسياتهم. أرجو النصيحة لي؛ لأني أخشى على نفسي من الفتنة، والشيطان حريص على المرأة، وأنا بحمد الله حريصة على الخير؛ ولكن لأني قد أتصل على رجال أجانب تحملوا مسؤوليتنا فأخشى على نفسي من ذلك، وجهوني أثابكم الله.

الجواب:

        هذه المسألة من المسائل التي تعرض للإنسان، والمسائل التي تعرض للإنسان يحتاج الإنسان فيها إلى الصبر، يقول الله -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}[1]، والصبر يكون صبراً على أقدار الله، وهذا منه، هذا صبر على هذا الأمر المقدر؛ ولكن يكون هذا الصبر مقروناً بالرضا؛ لأنه مقدر من جهة الله -تعالى- فيصبر وهو راضٍ بهذا الأمر؛ هذا من جهة أصل الموضوع.

        أما من جهة المرأة، فمن المعلوم أن النساء شقائق الرجال، وأن المرأة تَفتتن بالرجال؛ كما أن الرجال يفتتنون بالمرأة. وأنا لا أقصد العموم لكن يوجد أفراد.

        وعلى هذا الأساس قال الله –جل وعلا-: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}[2]، وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[3]، فكما أن الرجل مخاطب بالمحافظة على نفسه؛ كذلك المرأة مخاطبة بالمحافظة على نفسها.

        ومن الأمور التي جاءت في الشريعة سداً لذريعة ميول المرأة للرجال، الرسول ﷺ نهى عن سفر المرأة دون محرم، فقال: « لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم ». ونهى عن الخلوة بالمرأة فقال ﷺ: « ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما فقالوا : أرأيت الحمو؟ قال : الحمو الموت.»

        وعلى هذا الأساس فالمرأة في أمسّ الحاجة إلى أنها تتجنب جميع الوسائل التي من شأنها أن تربطها بشخص أجنبي منها؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ وبخاصة إذا كانت في هذا الوضع، فعليها التحفّظ بقدر ما تستطيع.

        أما من جهة تربية الأولاد، فتربية الأولاد لا شك أنها من الأمور المهمة، وهي تتركز على استخدام الأساليب التي تبني شخصيتهم، وتحدث عندهم الثقة في أنفسهم، وهي عبارة عن أساليب التشجيع، وتجنّب جميع أساليب الإحباط، وهي الأساليب التي تحدث عدم ثقته بنفسه، فلا بدّ من استخدام الأساليب التي تبني الشخصية، وتجنّب جميع الأساليب التي تُحدث هبوطاً في شخصية الشخص.

        ومن جهة أخرى الشباب يحتاجون إلى مراقبة من جهة الأشخاص الذين يرتبطون بهم، فقد يكون لهم قرناء، والقرين قد يكون صالحاً، وقد لا يكون صالحاً، فيحرص الشخص على مقارنة الصالحين، ولهذا قال الرسول ﷺ: « مثل الجليس الصالح والجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير، فبائع المسك إما أن يحذيك وإما أن تجد فيه ريحا طيبة» والجليس السوء كنافخ الكبير « فنافخ الكير إما أن تجد منه رائحة خبيثة وإما أن يحرق ثيابك ».

        فهذه المرأة عليها أن تحرص على معرفة الأشخاص الذين يرتبطون بأولادها، وتحرص على أنهم لا يكونوا خارج البيت وبخاصة في الليل؛ لأن بعض القرناء يكون عنده أخلاق سيئة ويؤثر على الأشخاص الذين يرتبط بهم.

        أما ما يتعلق بالنفقة عليهم إذا كان والدهم له مرتب على أي وجه، أو إذا لم يكن له مرتب فبإمكانها أن تسعى لهم عند المحسنين، تستخرج صكاً من المحكمة يثبت سجن والدهم وأنه فقير، وأنها لا تستطيع أن تنفق عليهم، وتقدم هذا لبعض المحسنين. والحمد لله في هذه البلاد الكثير من المحسنين لا يقصرون في مساعدة المحتاجين. وبالله التوفيق.



[1] الآيات (155-157) من سورة البقرة.

[2] من الآية (30) من سورة النور.

[3] من الآية (31) من سورة النور.