ما الفرق بين قولهم: يُحاسب يوم القيامة ويُعاقب يوم القيامة؟
- فتاوى
- 2022-02-01
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (10462) من المرسل السابق، يقول: ما الفرق بين قولهم: يُحاسب يوم القيامة ويُعاقب يوم القيامة؟
الجواب:
الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه العزيز: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}[1]، ويقول -جلّ وعلا-: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[2]، ويقول جلّ وعلا: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)}[3]، ويقول الله -جل وعلا- في الحديث القدسي: « يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفّيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه ».
وجاء -أيضاً-: « ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ».
وجاء حديثٌ آخر: « لن تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين جمعه وفيما أنفقه، وعن علمه فيما عمل به ».
فكل شيء مكتوبٌ على الإنسان، ولهذا وكّل الله بالعبد ملكين من صلاة الفجر إلى صلاة العصر يكتبان حسناته وسيئاته، الذي على اليمين يكتب الحسنات، والذي على اليسار يكتب السيئات. وملكين من صلاة العصر إلى صلاة الفجر؛ كذلك الذي على اليمين يكتب الحسنات، والذي على اليسار يكتب السيئات؛ فكل شيء محصى على العباد. وقال الله -جلّ وعلا-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[4]. فهذه الأعمال التي يعملها الإنسان وتكتب في صحائفه توزن يوم القيامة. وفي سورة القارعة: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)}[5]؛ لأن الأعمال إذا وُزنت يوم القيامة فإن رجحت الحسنات ذهب إلى الجنة، وإن رجحت السيئات ذهب إلى النار.
فالمحاسبة واقعة بين العبد وبين الله -جلّ وعلا-.
أما بالنظر للعقوبة فهذا بالنظر إلى من رجحت سيئاته على حسناته، وقد يعاقب الإنسان في الدنيا، وقد يعاقب في القبر، وقد يعاقب في مواقف القيامة؛ ولكن كل ذلك يكون فيه تخفيف عليه عند وزن الأعمال، ولهذا جاء في الحديث: « عجباً لأمر المؤمن كل أمره له خير: إن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له، وإن أصابته سراء فشكر كان خيراً له وليس ذلك لغير المؤمن ». ويقول ﷺ: « إن العبد لتكون له المنزلة في الجنة لا ينالها إلا على بلوىً تصيبه ».
فالمقام في الحقيقة يحتاج إلى كثيرٍ من الكلام؛ ولكن المهم التنبيه إلى أصل الموضوع وأن الحساب شيءٌ والعقاب شيءٌ آخر. وبالله التوفيق.