Loader
منذ سنتين

حكم من تاب من الذنوب، ويشعر بعدم صدق توبته


  • فتاوى
  • 2021-12-24
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (4673) من المرسل س. م. أ من المنطقة الشرقية- رأس تنورة، يقول: أنا شاب ملتزم ولله الحمد منذ فترة ليست بطويلة، وأسأل الله الثبات لكني قبل التوبة اقترفت بعض الذنوب والمعاصي مما سبب خوفي من الله والعودة إلى الله تائباً؛ لكني أحياناً عندما أقرأ عن التوبة الصادقة في بعض الكتيبات وأرى طريقتها وكيفيتها يراودني الشك في توبتي وصدقها مع الله مما يسبب حزني؛ ولكني منذ أن تبت لم أفعل تلك الذنوب ولا تلك المعاصي التي كنت أفعلها سابقاً، بل العكس مازلت محافظاً على الصلوات الخمس ومكثرا من النوافل من صلاة وصيام، واعتزلت أصحاب السوء وأكثرت من الأعمال الحسنة من صدقات وزكاة، ولكن إحساسي بعدم صدق توبتي مازال يلازمني؟

 الجواب:

        الله جلّ وعلا أمر عباده بطاعته ونهاهم عن معصيته، والعبد يمتثل هذه الأوامر بحسب ما يجب عليه، وينتهي عن هذه الأمور المحرمة بحسب حاله، وبحسب ما حرم عليه.

        وعندما يحصل تقصير من الشخص، يترك واجباً من الواجبات، أو يفعل شيئاً من المحرمات، فإن الله جلّ وعلا، فتح باب التوبة وهذا من رحمة الله جل وعلا ولطفه و إحسانه بعباده، فهو الغني وهم الفقراء إليه، يقول جلّ وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[1] فقوله جلّ وعلا: أَسْرَفُوا: الإسراف قد يكون بترك الواجبات، وقد يكون بفعل المحرمات.

        وقوله: لَا تَقْنَطُوا، "تقنطوا" هذا فعل مضارع ينحل عن مصدرٍ وزمان، والمصدر واقع في سياق النهي وهو نكرة، والنكرة إذا وقعت في سياق النهي سواء كانت منحلة عن الفعل أو كانت صريحة، فإنها تكون عامة، بمعنى: أنه لا ينبغي أن يقع في نفوسكم قنوطٌ لا قليل ولا كثير لا من كبائر الذنوب ولا من صغائرها، فإن الله جلّ وعلا أرحم بالعبد.

        ولكن الشيء الذي يجب أن يتنبه له في هذا المقام هو أنه لا يكون مقام العبد مع الله جلّ وعلا مقام المتلاعب؛ بمعنى: أنه يتوب اليوم، ويقترف الذنب غداً، ثم يتوب، ويقترف، وهكذا، يكون صدور التوبة منه مجرد كلامٍ في اللسان بمعنى أن شروطها لم تتوفر، فيُخشى على هذا النوع من الناس أن يأخذه الله جلّ وعلا على غرةٍ وعلى غفلة، ويندم حين لا ينفعه الندم؛ لأن الإنسان إذا خرج من بيته لا يدري هل يرجع إليه أولا، وإذا أصبح لا يدري هل يمسي أم لا، وإذا أمسى لا يدري هل يصبح أم لا، إذا صعد نفسه لا يدري هل ينزل أو لا؟

        فعلى العبد أن يكون علي يقظة تامةٍ فيما بينه وبين ربه من جهة امتثاله لأوامره، واجتنابه لنواهيه، وأنه إذا زل فعليه أن يسارع إلى الله جلّ وعلا ويتوب توبةً صادقةً. وبالله التوفيق.



[1] الآية (53) من سورة الزمر.