يعيش المسلمون حرباً فكرية، ما واجبنا للتصدي لهذه الحرب؟
- خصائص الشريعة : العموم
- 2022-03-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (12066) من المرسل السابق، يقول: كما نرى ملة الكفار تحارب الأمة الإسلامية بشتى الطرق، ونحن نرى أن العالم يرى ما يعيشه المسلمون من حرب وبالذات الحرب الفكرية، ما واجبنا للتصدي لهذه الحرب؟
الجواب:
من المعلوم أن هذه الشريعة شريعة عامة إلى أن تقوم الساعة. والمشكلة ليست في الشريعة بل في الذين ينتسبون إليها؛ لأنهم قد يخرجون عن حدودها ويضيفون خروجهم إليها، والله -تعالى- يقول: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[1]. وذكر الرسول ﷺ أن هذه الأمة ستفترق عن ثلاث وسبعين فرقة، قال: « كلها في النار إلا واحدة. قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ».
إذن المشكلة ليست في الإسلام؛ بل في الذين ينتسبون إلى الإسلام، ولهذا يقول الله -جل وعلا-: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[2]؛ بمعنى: لو أنهم طبقوا هذا الدين التطبيق الذي نريده فإننا نفتح عليهم من أبواب الرزق ما ذكر في الآية.
إذن: فالإسلام شيء، والمنتسبون إلى الإسلام شيء آخر. وأي نقص في المنتسب إلى الإسلام لا يجوز أن يُنسب إلى الإسلام؛ لكن ينسب إلى هذا الشخص.
وبناء على ذلك كله: فإن بعض الحكماء قال: "إذا أردت أن تصلح العالم فابدأ بصلاح نفسك، فإن العالم مكون من أفراد أنت منهم"، فالعبد يسعى في إصلاح نفسه يتعلم، وفي إصلاح نفسه يعمل، وفي إصلاح نفسه يدعو إلى الله على بصيرة، ويصبر على الأذى الذي يأتيه.
أما كونه يتكلم بلسانه ولكنه يخالف بأفعاله، فالله -جل وعلا- يقول: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[3]، والله يقول: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}[4]، ويقول {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[5] إلى غير ذلك من الآيات. وفي الحديث: « احفظ الله يحفظك ».
فالعبد عندما يقوي علاقته بالله -تعالى- في القول، وعلاقته في الفعل، وعلاقته في الله القصد، فالرسول ﷺ ذكر النتيجة وهي أن الله -تعالى- يحفظ العبد في دنياه، ويحفظه عند قبض روحه، ويحفظه في قبره يثبته، ويحفظه في جميع مواقف القيامة.
لكن الناس حينما يضيعون أمر الله فالله ليس بينه وبين خلقه نسب؛ إنما العلاقة التي بين الله وبين خلقه هي العمل الصالح، ولهذا أرسل الرسل وأنزل الكتب من أجل أن تقوم حجة الله على خلقه؛ كما قال -جل وعلا- في سورة الإسراء: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[6]. ولهذا يوم القيامة لا يدخل الله أحداً النار إلا وقد قامت عليه الحجة في الدنيا؛ كما قال -جل وعلا-: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)}[7]. وفي سورة تبارك: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)}[8]. وبالله التوفيق.