Loader
منذ سنتين

بعض الأمثلة التي تعين الشباب من خلال العبادات على التقوى، وأن يعطي البدن قوة في طاعة الله


  • فتاوى
  • 2022-03-05
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (11929) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: نود من فضيلتكم أن تبينوا لنا بعض الأمثلة التي تعين الشباب من خلال العبادات على التقوى، وأن يعطي البدن قوة في طاعة الله من هذه العبادات أحسن الله إليكم.

الجواب:

        الشخص يعيش زمنًا معيّنًا مقدرًا له، وهذا الزمن مقسم إلى سنين، والسنة إلى شهور، والشهر إلى أسابيع، والأسبوع إلى أيام، واليوم مرحلتان مع الإنسان: مرحلة من صلاة الفجر إلى صلاة العصر، ومرحلة من صلاة العصر إلى صلاة الفجر.

        من صلاة الفجر إلى صلاة العصر خزانة يضع فيها الإنسان ما يشاء؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- ترك له الخيار، فقال: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}[1]. ومن صلاة العصر إلى صلاة الفجر خزانة يُودع فيها الشخص ما شاء من عمل صالح أو من عمل طالح، وقد وكل الله به ملكين من صلاة الفجر إلى الصلاة العصر، وملكين من صلاة العصر إلى صلاة الفجر يكتبون الحسنات والسيئات، وتُعرض على الله يوم الإثنين ويوم الخميس وتُحفظ، فإذا جاء يوم القيامة فُتّحت هذه الخزائن فالمحسنون يجدون في خزائنهم الفرحة والسعادة، والمسيئون يجدون الحسرة والندامة. وعندما تُعرض الأعمال على الإنسان يوم القيامة لأن الله -سبحانه وتعالى- قال: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا}[2]، وقال -جل وعلا-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[3]، وقال -جل وعلا-: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)}[4]، فإذا عُرضت عليك أعمالك القبيحة وأنكرتها وقلت: أنا لم أعمل هذه الأعمال؛ يشهد عليك سمعك وبصرك {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)}[5]؛ وكذلك تشهد عليك يدك، وتشهد عليك قدمك؛ وكذلك الأرض فإن الله -سبحانه وتعالى- قال: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}[6]، فهنا ستة شهود وكلهم يشهدون عليك بما عملت، وتقوم الحجة عليك يوم القيامة.

        والواجب على الشخص أن ينظر إلى النعمة التي أنعم الله بها -نعمة الصحة ونعمة الأمن- وكذلك هذه الشريعة يسّرها الله -جل وعلا- فالواجب عليه أن ينظر عندما يُريد أن يُقدم على أي عمل من الأعمال ما بين الفجر والعصر؛ وكذلك ما بين العصر والفجر ينظر إلى الأمر الذي يريد أن يتركه؛ أو الأمر الذي يُريد أن يفعله. هذا الأمر الذي تريد أن تتركه هل أنت مأجور على تركه، أم أنك آثم على تركه؟ وهذا الأمر الذي تُريد أن تفعله هل أنت مُثاب على فعله أم أنك مُعاقب على فعله؟ والله -سبحانه وتعالى- قال: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[7]، فأنت على هيئة كاملة ولا عذر لك، فإذا كان يضرّك وأقدمت عليه فأنت السبب عليه، وإذا كان ينفعك وأقدمت عليه فأنت السبب في ذلك؛ فإذن أنت السبب في سعادة نفسك أو في شقاوتها؛ ولهذا الله -سبحانه وتعالى- لا يدخل إلى النار أحداً إلا وقد قامت عليه الحجة في الدنيا؛ كما قال -جل وعلا-: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72)}[8]، وقال -جل وعلا- في سورة الملك: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ}[9] يعني : في النار {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)}[10]، فأنت يا عبدالله لابد أن تتنبه لنفسك وتسعى في نجاتها؛ كما قال -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[11]، فقد جاء في وصية من وصايا الرسول ﷺ أنه قال: « اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، صحتك قبل مرضك، حياتك قبل موتك، فراغك قبل شغلك، غناك قبل فقرك».

الشخص ينتهز الفرص التي يقدم فيها لله أعمالاً صالحًا. أما أن الشخص يعيش في هذه الحياة كالبهيمة لا يهمه إلا الأكل والشرب، وإشباع غرائزه بطرق غير مشروعة؛ هذا من جهة. ومن جهة أخرى ترك الأوامر وفعل المحرمات عنده على سبيل السواء يصدق عليه قول الله -جل وعلا-: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[12]، ويقول: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)}[13]، وقال الله -جل وعلا- عن إبليس: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[14].

        فواجب على الإنسان أن يسعى لنجاة نفسه، لأن عمله إما له وإما عليه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[15]  {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)}[16]. وبالله التوفيق.



[1] الآية (28) من سورة التكوير.

[2] من الآيات (19-21) من سورة فصلت.

[3] الآية (47) من سورة الأنبياء.

[4] الآيتان (13-14) من سورة الإسراء.

[5] الآيات (19-24) من سورة فصلت.

[6] من الآية (4) من سورة الزلزلة.

[7] الآية (4) من سورة التين.

[8] الآيتان (71-72) من سورة الزمر.

[9] من الآية (8) من سورة الملك.

[10] من الآيات (8-11) من سورة الملك.

[11] الآية (102) من سورة آل عمران.

[12] من الآية (8) من سورة فاطر.

[13] الآيتان (36-37) من سورة الزخرف.

[14] الآية (20) من سورة سبأ.

[15] وردت في مواضع كثيرة وأولها من الآية (164) من سورة الأنعام.

[16] الآيات (34-37) من سورة عبس.