ما الطريقة المثلى للانتفاع بالقرآن الكريم؟
- حفظ القرآن ومراجعته
- 2022-02-11
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11255) من المرسل السابق، يقول: ما الطريقة المثلى للانتفاع بالقرآن الكريم؟
الجواب:
القرآن الكريم يحتاج الشخص إذا أراد أن يجعل بينه وبين القرآن علاقة يحتاج إلى أن يفهمه.
وإذا أراد أن يحفظه فقد ذكرت أكثر من مرة الطريقة التي تجمع بين الفهم أولاً، والحفظ ثانياً.
وهذه الطريقة هي: تحديد الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد، ثم النظر في هذه الآيات ما هو موضوعها؟ هل موضوعها في الطلاق، في الرضاع، في الحج، في الصيام؛ إلى غير ذلك من الموضوعات. وكثير من المفسرين -رحمهم الله- سلكوا مسلكاً، وهذا المسلك هو أنه يحدد الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد ثم يذكرها، ثم يتكلم عنها. أو يقسم الموضوع إلى عدة عناصر، وكلّ عنصر يتكلم عنه بمفرده. أو الجمل على حسب علامات الوقف، يجزئ الآيات على حسب علامات الوقف ويتكلم عنها.
يحتاج الشخص إلى تحديد الموضوع ومعرفة الموضوع ما هو، وتحديد الآيات، ثم النظر فيما اشتمل عليه هذا الموضوع من المفردات اللغوية والشرعية، ثم بعد ذلك ينظر في سبب النزول، هل هذه الآيات مشتملة على سبب نزول؛ كما في قوله -جلّ وعلا-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}[1]؛ يعني: جميع ما في القرآن من أسئلة؛ لأن السؤال يكون هو سبب النزول، أو يكون فيه آيات لها سبب نزول لكنه لم يذكر. وفيه كتب في أسباب النزول؛ المهم هو معرفة هذه الآيات هل لها سبب نزول أم لا؟ وإذا كان لها سبب نزول فإنه يعرف سبب النزول.
ثم ينظر في هذه الآيات هل دخلها نسخ أم لا؟ هل هي محكمة أو دخلها نسخ؟ وإذا دخلها نسخ فإنه يبحث هل الموجود هو الناسخ أو المنسوخ أو ما إلى ذلك؛ المهم هو تمييز الآيات من جهة النسخ والإحكام.
ثم بعد ذلك معرفة معاني الآيات؛ وبخاصة على حسب علامات الوقوف. وأحسن من تكلم عن تفسير الآيات على هذا الوجه هو ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى.
ثم بعد ذلك يعرف المعنى العام لهذه الآيات، ثم ينظر فيما اشتملت عليه هذه الآيات من جهة الأحكام، ثم بعد ذلك ينظر في هذه الآيات هل يوجد فيها شيء لها شبه بآية أخرى من الناحية اللفظية؛ كما في قوله -جلّ وعلا- في سورة البقرة: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}[2]، وفي سورة المائدة والأنعام والنحل: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[3]، وأيضاً في قوله: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ}[4]، وقوله في موضع آخر: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ}[5]؛ يعني: المتشابه من ناحية اللفظ. وفيه كتب مؤلفة في هذا الموضوع.
ثم ينظر في هذه الآيات هل يوجد فيها إشكال كما في قوله -جلّ وعلا-: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}[6]، وكما في قوله جل وعلا: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[7] مع قوله -تعالى-: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ}[8] ففيه آيات تدل على إثبات السؤال، وفيه آيات تدل على نفي السؤال؛ فيقع القارئ في حيرة من ذلك. وفيه كتب اعتنى مؤلفوها -رحمهم الله- ببيان المشكل من هذا النوع من القرآن بعد هذه الأمور بإمكانه أن يحفظ الآيات، ويتأكد من حفظها بتكرارها التكرار الذي يكفي، وبعد ذلك يتعاهدها دائماً.
بهذه الطريقة يكون قد فهم ما قرأ، فإذا قرأ قراءة تدبر؛ لأن بعض الناس يقرأ قراءة تعبد؛ مثل: البخاري -رحمه الله- كان في حياته يصلّي بالناس التراويح ويقرأ في الركعة عشر آيات أو عشرين آية على حسب اختلاف الرواية عنه؛ ولكنه كان يختم القرآن كله لنفسه في كلّ ليلة من ليالي رمضان. والإمام الشافعي -رحمه الله- في رمضان كان يختم القرآن في النهار مرة وفي الليل مرة؛ لكن بعض الناس قد يقرأ قراءة متأنية؛ بمعنى: إن كلّ آية يمر عليها لا بدّ أن يفهم معناها.
فالإنسان إذا أراد هذه الطريقة -يقرأ قراءة تدبر- فهذا أمره راجع إليه. وهذه هي الطريقة التي يسلكها طالب العلم. وبالله التوفيق.