Loader
منذ سنتين

قال -سبحانه وتعالى-: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} ما معنى هذه الآية؟


  • فتاوى
  • 2022-03-07
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (12055) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: عموم رسالة الإسلام هي رسالة خالدة نافية لما قبلها كما قال -سبحانه وتعالى-: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[1] ما معنى هذه الآية؟

الجواب:

يقول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}[2] إلى آخر الآية، فالله -سبحانه وتعالى- خلق بني آدم من ذكر وأنثى ولم يتركهم سدى؛ بل أرسل إليهم رُسلاً. وكان الرسول يُبعث إلى قومه خاصة، ولهذا يوجد رسولان في وقت واحد كما وُجد إبراهيم ولوط -عليهما السلام- وقوم كل رسول مكلفون برسالة هذا الرسول. وكان آخر الرسل هو محمد وأنزل الله -جل وعلا- القرآن، وجعل هذا القرآن هو أصل التشريع والقرآن يبيّن بعضها بعضاً، والسنة يبيّن بعضها بعضاً، وهي مبينة للقرآن، وهي الوحي الثاني. والله -تعالى- يقول في حق الرسول : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[3]، وبما أن القرآن هو آخر الكتب، وأن الرسول هو آخر الرسل بيّن الله في القرآن وبيّن الرسول في السنة أن هذا القرآن هو شريعة إلى الموجودين من عهد التشريع إلى أن تقوم الساعة من الإنس والجن، ولا يسعى أحد من المكلفين على وجه الأرض أن يخرج عن هذا الدين، وقد دل القرآن ودلت السنة على ذلك، فمن ذلك قوله -جل وعلا-: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[4] وقال -جل وعلا-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[5]، ويقول : « بُعثت إلى الأحمر والأسود وكل نبي يُبعث إلى قومه خاصة »، فهذا نص في أن رسالة الرسول عامة. وبالنظر للجن يقول -جل وعلا-: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)}[6] ويقول -جل وعلا-: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ}[7] وثبت عن رسول الله أنه قال: « ما من يهودي ولا نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ». ولما رأى الرسول ورقة في يد عمر -رضي الله عنه- وهذه الورقة من التوراة، فقال: «ما هذا يا ابن الخطاب؟»، قال: هذه ورقة من التوراة، فقال: « أفي شك أنت يا ابن الخطاب لو كان موسى حيًا لما وسعه إلا إتباعي »، ومن المعلوم أن موسى -عليه السلام- ينزل آخر الزمان، ويحكم بشريعة الرسول ، فهو كما أنه من أولي العزم مع ذلك يكون فردًا من أفراد أمة محمد .

وبهذا يتبيّن أن هذه الشريعة ناسخة لجميع الشرائع السابقة، وأنه لا يسع أحد لا من الإنس ولا من الجن الخروج عنها.

وبهذا يتبيّن أن الحوار بين هذه الأديان يكون مبنياً على الاعتراف بأديانهم هذا أمر ليس بصحيح؛ لأن الشريعة واحدة وهي شريعة الإسلام يقول -جل وعلا-: {مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[8]، وفيه رسالة لشيخ الإسلام -رحمه الله- اسمها (إيضاح الدلالة في عموم الرسالة)، وهي مذكورة في مجموع الفتاوى في قسم أصول الفقه. وبإمكان الشخص الذي يريد أن يتوسع في معنى عموم رسالة الرسول أن يرجع إلى هذه الرسالة، فقد تكلمت هذا الكلام مختصراً بحسب البرنامج. وبالله التوفيق.



[1] الآية (1) من سورة الفرقان.

[2] من الآية (1) من سورة النساء.

[3] من الآية (7) من سورة الحشر.

[4] من الآية (19) من سورة الأنعام.

[5] من الآية (28) من سورة سبأ.

[6] الآيتان (1-2) من سورة الجن.

[7] من الآيات (29-31) من سورة الأحقاف.

[8] من الآية (85) من سورة آل عمران.