حكم وقوف الرجل بعرفة على سيارة الإسعاف نتيجة حادث وقع قبل الوقفة، و حكم ترك ذبح الفدي
- الحج والعمرة
- 2021-09-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1383) من المرسل ر. إ. ح. ع، مصري يعمل في المملكة، يقول: قمت بالحج من مدة ست سنوات، وقد حصل لي حادث بعد الطواف والسعي، وطلعت إلى جبل عرفات في سيارة المستشفى، ولم أفعل أي شيء، ولم أفدِ، وكانت النية حج تمتع؟
الجواب:
هذا السائل لم يُبين بالتفصيل الأمور التي عملها في حجه، ولم يبين الأمور التي تركها، وقد ذكر في سؤاله أنه حج حج تمتع، والتمتع هو: أن يُحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يتحلل منها، وبعد ذلك يُحرم بالحج من عامه.
والعمرة هي الإحرام من الميقات المخصص والطواف والسعي والحلق أو التقصير.
فإذا كان هذا الشخص قد أتى بالعمرة على هذا الوجه، فيكون قد تحلل منها وأحرم بالحج من عامه، ووقف بعرفة، والوقوف بعرفة لا شك أنه ركن من أركان الحج؛ لقوله ﷺ: « الحج عرفة »[1]، بعد هذا قال: إنه لم يفعل أي شيء ولم يفدِ؛ فبناءً على هذه الجملة يتبين أنه ترك المبيت بمزدلفة، وترك المبيت بمنى ليالي أيام التشريق، وترك رمي الجمار، وترك طواف الوداع، وترك الطواف والسعي للحج؛ لأنه يقول: أنه رجع وترك الهدي، فأما بالنسبة لتركه المبيت بمزدلفة والمبيت بمنى إذا كانت حالته الصحية لا تساعده على البقاء؛ بل إنه أُعيد من عرفة إلى المستشفى في مكة؛ نظراً إلى أنه يتعذر وجوده في مستشفى منى؛ فحينئذٍ يكون معذوراً بالنظر للمرض، ولا شيء عليه إذ ترك المبيت بمزدلفة ومنى؛ بناءً على هذا المعنى.
وإذا كان مبيته بمزدلفة متعذراً لمرضه، وحُمل من عرفة إلى مستشفى منى وبات بمنى ليالي أيام منى؛ فلا شيء عليه بالنظر لتركه المبيت بمزدلفة للعذر، وهو عدم إمكان بقائه فيها تلك الليلة نظراً لمرضه، وأنه يحتاج إلى العلاج. أما إذا كان يتمكن من المبيت بمزدلفة والمبيت بمنى بعد الانصراف من عرفة؛ ولكن ترك ذلك، فإنه يجب عليه فدية بالنظر إلى ترك المبيت بمزدلفة، وفدية أخرى بالنظر إلى ترك المبيت بمنى، وهي تُجزئ أضحية تُوزع على فقراء مكة، وإن لم يتمكن من ذلك فإنه يصوم عشرة أيام عن الفدية الواجبة عليه بترك المبيت بمزدلفة، ويصوم عشرة أيامٍ عن الفدية الواجبة عليه بترك المبيت بمنى؛ هذا بالنظر إلى ترك المبيت.
وأما بالنظر إلى ترك رمي الجمار، فإنه واجب عليه على كلّ حال؛ لأنه لم يذكر أنه أناب أحداً ورمى عنه في الرمي، فإذا كان في واقع الأمر أنه أناب أحداً ورمى عنه فلا شيء عليه، وإذا لم يُنب أحداً بل ترك الرمي؛ فحينئذٍ تجب عليه فدية أخرى لترك المبيت.
وعلى هذا الأساس إذا كان قد طاف وسعى قبل سفره، فطوافه وسعيه يكفيه عن سعي الحج وعن طواف الإفاضة وعن طواف الوداع؛ وبخاصة إذا كان ذلك عند السفر، وبعد انتهاء وقت الرمي.
أما إذا لم يكن طاف طواف الإفاضة ولم يسعّ، فإنه لا يزال باقياً على إحرامه، وعليه أن يعود إلى مكة ويسعى سعي الحج، ويطوف طواف الحج، وبعد ذلك يطوف للوداع؛ وكذلك بالنظر إذا أنه ترك الحلق أو التقصير في ذلك الوقت؛ فإنه يحلق أو يقصّر، والحلق أفضل. يبقى بعد ذلك إذا كان في هذه الفترة لم يطف ولم يسعَ؛ يعني: لم يتحلل التحلل الكامل وقد جامع زوجته، فإذا كان الأمر كذلك فعليه أن يُعيد السؤال بالنظر إلى هذه النقطة؛ يعني: من ناحية أنه هل تحلل التحلل الأول أو لم يتحلل التحلل الأول؛ لأنه ينبني على ذلك أحكام، وهي تكون مختلفة.
وبالتالي أنا أنصح السائل أن يُعيد السؤال بالتفصيل من أجل سهولة الجواب عليه، ولقد جاء هذا الجواب بالتفصيل نسبياً بالنظر إلى ما ذكرته في بداية الجواب من أن السؤال فيه إجمال.
ومما يحسن التنبيه عليه -هنا- أن الجهة المختصة التي حملته من مكة إلى عرفة من أجل أن يتمكن من أداء الحج، أسأل الله -جلّ وعلا-أن يُضاعف للجهة المعنية المثوبة، وأن يجزيهم عن الإسلام والمسلمين خيراً. وهذه عادة مطردة تُجريها الحكومة -جزاها الله خيراً- بالنظر للمرضى الذين لا يتمكنون من الوقوف، أو بمعنى أوسع أهل الأعذار الذين يمكن أن يُمكّنوا من الوقوف بعرفة، فإن الحكومة -جزاها الله خيراً- تُضاعف الجهود من أجل حصولهم على أداء هذه الشَعِيرة وهم في تلك الحالة. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه النسائي في سننه، كتاب مناسك الحج، باب فرض الوقوف بعرفة(5/256)، رقم (3016)، وابن ماجه في سننه، كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع (2/1003)، رقم(3015).