Loader
منذ 3 سنوات

هل الجن مكلفون بحمل الأمانة أم الإنس؟


  • التفسير
  • 2021-07-26
  • أضف للمفضلة

الفتوى قم (6511) من المرسل ع.ع. سوداني مقيم بالرياض يقول: قول الله -جل وعلا-: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"[1]، هل الجن -أيضاً- مكلفون بحمل الأمانة أم الإنسان فقط كما في سياق الآية؟ أرجو توضيح الآية.

الجواب:

        الله سبحانه وتعالى خلق الملائكة من نور وهم مكلفون بما كلفهم الله به لقوله -تعالى-: "لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ"[2]، فالملائكة مكلفون بما كلفهم الله به.

        وخلق الله الإنس من تراب كما قال -تعالى-: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"[3]، وكلّفهم بالشرائع التي أنزلها على رسله. وكل رسولٍ يبعث إلى قومه خاصة وينزل الله عليه كتاباً، فقد يوجد رسولان في وقتٍ واحدٍ؛ لكن كل واحدٍ منهما يكون في جهة. أما محمد ﷺ فهو آخر الرسل, والقرآن هو آخر الكتب, والله -جل وعلا- يقول: "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"[4]، ويقول ﷺ: « بُعثت إلى الأحمر والأسود. وكل نبيٍ يبعث إلى قومه خاصة ».

        وبناءً على ذلك فإن أمة محمدٍ ﷺ مكلفون بما يخصهم من الأمانة، والأمانة هي هذه الشريعة بما اشتملت عليه من الأوامر والنواهي. والواجب واجبان: واجبٌ على الأعيان، وواجبٌ على الكفاية، فالواجب على الأعيان ما كلّف به الشخص من ناحية اعتقاده، أو من ناحية الإقدام عليه، أو من ناحية الإعراض عنه؛ يعني: تركه. فمثلاً الطهارة والصلاة والصيام وبالنسبة للحج لمن وجب عليه الحج فهذه كلها من واجبات الأعيان؛ بمعنى: إن الشخص يجب عليه أن يكون على علمٍ مما هو مكلفٌ به من ناحية ما يجب عليه، ومن ناحية ما يحرم عليه؛ وهكذا ما يتعلق بالإيمان بالله -جل وعلا- وكتبه ورسله... الخ، فالمقصود أن هذا من الواجب على الأعيان؛ وهكذا الإنسان إذا أراد أن يبيع ويشتري في السوق عليه أن يعرف الحلال والحرام؛ وهكذا سائر الواجب على الأعيان.

        أما الواجب على الكفاية فهي عبارة عن الأمور المتعلقة بالمصالح العامة؛ كالتعلم من ناحية أن يكون الشخص مؤهلاً للقيام بمسؤولية القضاء، أو مسؤولية الإفتاء، أو مسؤولية التدريس، أو غير ذلك من المسؤوليات العامة؛ فهذه من فروض الكفايات إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين؛ لكن لا بدّ للأمة من وجود أشخاصٍ يقومون على هذه الثغور بحيث يتكون لكلّ ثغرٍ ما يسد حاجته.

        أما الجن فإنهم مكلفون ولكن بتكليفٍ ليس كتكليف الإنس من بعض الوجوه. وبالله التوفيق.



[1] الآية (72) من سورة الأحزاب.

[2] من الآية (6) من سورة التحريم.

[3] من الآية (59) من سورة آل عمران.

[4] الآية (1) من سورة الفرقان.