Loader
منذ 3 سنوات

السؤال عن مفسدات الصوم


  • الصيام
  • 2021-09-11
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (1511) من المرسل السابق، يقول: ما الأشياء التي تُفسد الصوم؟

الجواب:

        الصيام عبادة من العبادات، والأشياء التي تُفسد الصوم منها: الأكل إذا أكل أو شرب متعمداً، ففي هذه الحال يفسد صيامه. وإذا استَقَاء فقَاء؛ يعني: استقاء قصداً فقاء فحينئذٍ يُفسَد صيامه، وهناك أمور أخرى لا تفسد الصيام ولكنها تقلل الأجر؛ لأن بعض الناس لا يفرق بين حاله في الصيام وبين حاله في غير الصيام، فتراه يستعمل الكذب والغيبة والنميمة، وربما يشهد شهادة زور، ويشتغل باللغو وباللهو وبالأمور التي تعود عليه بالضرر، فهذه يكون لها تأثير عليه؛ لأنه آثم في هذه الأمور.

        وهناك أمرٌ يحتاج إلى بيان، وهو يفسد الصوم ومع إفساده يُوجب الكفارة، فبعض الناس يتزوج قبل رمضان في وقت قريب، أو يقدِم من سفرٍ، أو يكون الداعي الجنسي قوياً في نفسه، فينتهك حرمة الصيام بنفسه، وينتهك حرمة صيام زوجته، فيقدِم من سفر وهو صائم فيُلجِأ زوجته وينتهك حرمة الصيام بالنسبة لها وله. وبعض الأزواج يُغرِّر بها ويقول: إن هذا لا بأس به، حتى إن بعض النساء تسأل وتقول: إن زوجها يقول لها هذا لا يُفطِّر، وهذا فيه جناية على الدِّين من جهة، وفيه تغرير بهذه المسلمة من جهةٍ أخرى، وفيه فقد للأمانة من هذا الشخص الذي يتقوّل على الله -جلّ وعلا- من أجل تحقيق مصلحته، ولهذا لما كان الإقدام على هذا الأمر ليس من الأمور السهلة، رتب الرسول -صلوات الله وسلامه عليه-عتق رقبة، فإذا لم يستطع الرقبة ما وجدها أو ما وجد ثمنها، فإنه يصوم شهرين متتابعين، ولو أفطر بينهما بين أيام هذين الشهرين لو أفطر يوماً واحداً على سبيل الاختيار؛ فإن التتابع ينقطع ولابدّ من إعادته. وإذا لم يستطع الصيام، فإنه يُطعِم ستين مسكيناً، ولا يُجزِئُ الصيام مع القدرة على الرقبة، ولا يُجزِئُ الإطعام مع القدرة على الصيام. والمرأة إذا كانت مطاوعة له عالمةً بالحُكُم، فإنه يجب عليها ما يجب عليه.

        ومما يُحسن التنبيه عليه أنه يجب على كلّ زوج من الأزواج الذين تكون عندهم الحصانة الدينية ضعيفة عليهم أن يتقوا الله لا بالنسبة لأنفسهم، ولا بالنسبة لما تحت أيديهم من الزوجات، يجب عليهم أن يتجنبوا هذا الأمر حتى يحصل له الأجر، ولا يحصل له التأثيم من جهة ثانية، ولا يحصل تكليفه بهذه الكفارة من عِتق، فإن لم يجد يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع يُطعم ستين مسكيناً؛ فحينئذٍ الجماع في نهار رمضان هو الذي يُفسد به الصيام مع إيجاب القضاء؛ أما الأمور الأخرى فإن منها ما يُفسد الصيام، وقد ذكرت بعض الأمثلة لها.

        ومنها ما لا يُفسد الصيام؛ ولكنه يوجب الإثم على الشخص ويقلّل من أجر الصيام، فعلى العبد أن يتقي الله في نفسه، وأن يستقبل هذا الشهر العظيم بما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال. وبالله التوفيق.

        المذيع: قد ذكرتم الأسباب التي تجعل الإنسان يكون مُفطِراً في رمضان، حبذا لو تفضلتم ببيان الوقت الذي يقضي فيه الرجل أو المرأة إذا أفطرت في رمضان، متى يقضي صيام تلك الأيام؟

        الشيخ: الوقت للقضاء هو ما بين رمضان السابق ورمضان اللاحق، وهذا وقت مُوسّع للقضاء، فإن قضى بعد رمضان مباشرة، أو بعده بشهر أو شهرين أو ثلاثة؛ ولكن إذا لم يبقَ من الأيام بينه وبين رمضان المقبل إلا عدد الأيام التي تكون قضاءً عن الأيام الماضية من الشهر الماضي؛ فإن الوقت يكون مُضيّقاً؛ بمعنى: إنه يجب عليه الصيام، فحينئذٍ القضاء يكون له وقتان: وقت موسع، ووقت مضيق، فالوقت الموسع ما بين رمضان السابق ورمضان اللاحق، والوقت المضيق إذا لم يبقَ من الأيام التي بين رمضان السابق ورمضان اللاحق إلا ما يكفي للقضاء من الأيام؛ فحينئذٍ يكون الوقت مضيقاً. وهنا مسألة تحتاج إلى تنبيه تعترض الشخص الذي عليه شيء من القضاء بالنسبة للوقت الموسع، وذلك أنه مشروع للشخص أن يصوم ستة أيام من شوال، وقد يَعترِضُه صيام اليوم العاشر من محرم واليوم التاسع معه أو اليوم الحادي عشر، وقد يعترضه -أيضاً- صيام يوم عرفة، وقد يعترضه صيام الإثنين والخميس إذا كان مُعتاداً على ذلك؛ وكذلك صيام أيام البيض؛ فحينئذٍ هل يكون ما عليه من أيام رمضان مانعاً من صيام التطوع ما دام الوقت موسعاً؟ أو أنه لا يكون مانعاً إلا إذا كان الوقت مضيقاً؟ والجواب أن الأَولى والأحوط أن يقدّم القضاء؛ لأن فيه خروجاً من خلاف أهل العلم، وفيه أخذ بالاحتياط. ولو فرضنا أنه صام تطوعاً ما دام الوقت موسعاً، فإن صيامه صحيح؛ ولكن عليه ألاّ يتساهل في أمر القضاء؛ أما إذا كان الوقت مضيقاً، فلا يجوز له أن يصوم تطوعاً؛ بل يجب عليه أن يبدأ بما عليه من أيام القضاء، وإذا أخّر القضاء عن رمضان المقبل حتى إلى ما بعده؛ فحينئذٍ يكون عليه الجزاء في بعض الحالات، ولا يكون عليه جزاءٌ في بعض الحالات. وهذا قد سبق الجواب عليه.

        وهناك وقت آخر لغير أهل الأعذار أوسع من الذي قبله إذا كان الإنسان مريضاً، إذا فرضنا أن عليه قضاء من رمضان الماضي، وأدركه رمضان ولم يتمكن من صيامه؛ فحينئذٍ ما بعده يكون -أيضاً- وقتاً له، ولا يجب عليه القضاء.

        وهكذا لو فرضنا أن المرأة صارت حاملاً في تلك المدة ثم وضعت، وصارت ترضع ولم تتمكن من القضاء؛ المهم أن الوقت الذي بين رمضان السابق وبين رمضان اللاحق هذا يكون لغير أهل الأعذار؛ أما أهل الأعذار الذين يُعذرُون بالتأخير حتى يُدرِكَهم رمضان الآخر فهؤلاء يكون وقتهم -أيضاً- ما بعد رمضان الثاني، وبعد زوال العذر الذي عندهم، وليس عليهم كفارة بسبب التأخير. وبالله التوفيق.