نصيحةً لمن لم يُنقِ قلبه من الكبر، فينظر إلى من هو أقل منه مالاً وجمالاً أو نسباً نظرة ازدراءٍ واحتقار ولا يكلمه
- فتاوى
- 2021-12-29
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (7605) من المرسلة السابقة، تقول: نريد من الشيخ حفظه الله أن يوجه نصيحةً لمن لم يُنقِ قلبه من الكبر، فتراه ينظر إلى من هو أقل منه مالاً وجمالاً أو نسباً أو أي أمرٍ من أمور الدنيا نظرة ازدراءٍ واحتقار، وربما لا يكلمه ويُعرض عنه، وقد لا يسلّم عليه مع أنه يعرفه، وقد يكون بينهم قرابة.
الجواب:
من العلاقات بين أفراد المسلمين أن كلّ شخصٍ ينظر إلى الشخص الآخر كما وصف الرسول ﷺ: « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره »[1]، وقال: « التقوى هاهنا- يعني في القلب- وأشار إلى قلبه ثلاث مرات » التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا"[2] والله -تعالى- قال: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[3].
فلا يجوز للإنسان أن يظلم أخاه المسلم، ولا يجوز له أن يحقر أخاه؛ لأن الميزان عند الله -جل وعلا-، ولهذا يقول الله -جل وعلا- في افتتاح سورة الواقعة: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3)}[4]؛ يعني: إن الناس يوم القيامة يوجد منهم أشخاصٌ كانوا مرتفعين في أعين الناس في الدنيا فتخفضهم أعمالهم القبيحة يوم القيامة، وأناسٌ منخفضون في أعين الناس في الدنيا وترفعهم أعمالهم الصالحة يوم القيامة، وقد كان ﷺ جالساً فمر رجلٌ، فسأل الرسول ﷺ الصحابة عنه فقال: « ما تقولون في هذا؟ » قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شَفع أن يشُفِع، وإن قال أن يستمع، ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شَفع أن لا يشُفِع، وإن قال أن لا يسمع، قال: « هذا خيرٌ من ملئ الأرض مثل هذا »[5].
فميزان العباد عند الله -جل وعلا-، ولهذا يقول الله -جل وعلا-: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)}[6] فوزن الناس بعضهم لبعضٍ، أو رؤية بعضهم لبعضٍ، أو احتقار بعضهم لبعضٍ طبعا هذا لا يجوز الاعتداء بأي وجهٍ من الوجوه، لا من ناحية القول، ولا من ناحية القصد؛ وكذلك لا يجوز -أيضاً- من ناحية الفعل.
فعلى العبد أن يعرف قدر نفسه، وأن يعرف قدر غيره، وأن ينزل نفسه منزلته، وأن ينزل غيره منزلته، فإن إنزال الناس منازلهم هذا من الآداب الإسلامية. وبالله التوفيق.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه (3/128)، رقم(2442)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله(4/1986)، رقم(2564).