Loader
منذ سنتين

له صديق يعمل في محل قريب منه، ويأتيه ليستعمل هاتف المؤسسة لاتصالاته الخاصة. وقلت له هذا أمانة ولا يجوز فقاطعني


الفتوى رقم (10467) من المرسل السابق، يقول: يوجد لدي صديق يعمل في محل تجاري قريب مني، وكان يأتي ويستعمل هاتف المؤسسة الخاصة بنا لاتصالاته الخاصة. وفي يوم قرأت فتوى بأن هاتف المؤسسة أمانة عند صاحبها، وأنا مؤتمن على ذلك، فقلت له: هذا أمانة ولا يجوز أن تستعمل هذا الهاتف لاستعمالاتك الشخصية. وقلت له: إنني سأسأل عن هذه الأمانة. فذهب وأصبح من بعدها لا يبدأ بالسلام ولا يأتي لي، فإذا سلمت عليه لا يرد، وأنا أسلّم عليه وهو لا يرد، وأحس أني أهين كرامتي عندما أبدأوه بالسلام وأتبسط له وهو لا يرد عليّ، علماً أن صاحب العمل الذي يعمل هو عنده قام بفصل الهاتف بسبب كثرة اتصالاته. وأنا الآن أراه يذهب عند غيري لإجراء الاتصالات. هل يجوز لي أن أتجنبه خصوصاً أنه اتضح أن العلاقة التي كانت بيننا هي بسبب الهاتف وبالتالي لا أسلم عليه؟ أرجو الإفادة.

الجواب:

        الناس أربعة أصناف:

        الصنف الأول: صنفٌ نفعيٌ فقط؛ بمعنى: إنه يُحسن إلى الناس ولا يطلب منهم أن يحسنوا إليه.

        الصنف الثاني: شخص انتفاعيٌ فقط كصاحبك هذا. هذا ينتفع من الناس ولا يفرق بين الانتفاع المشروع والانتفاع المحرم. غرضه أن نفسه لا تطيب إلا إذا انتفع من الشخص! فعلاقته بين الناس على قدر انتفاعه منهم؛ سواء كان الانتفاع مشروعاً، أو كان الانتفاع محرماً؛ أما إذا كان مشروعاً فالأمر فيه سهل جداُ؛ لكن الكلام على ما إذا كان الانتفاع محرماً.

        الصنف الثالث: نفعيٌ انتفاعي؛ بمعنى: إنه ينفعك ولكن يريد أن ينتفع منك أكثر مما نفعك.

        والصنف الرابع: لا ينفع ولا ينتفع. هذا من جانب.

        الجانب الثاني: أن الشخص عندما يكون مؤتمناً على محلٍ لا يجوز له أن يخون هذه الأمانة؛ لأن الله -تعالى- يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[1]. ومن تأدية الأمانة أن يقوم الإنسان بحفظها على الوجه المشروع.

        الجانب الثالث: أن هؤلاء الأشخاص الذين يأتون ويتصلون اتصالات هاتفية من غير هواتفهم لا يُحسن فيهم الظن؛ لأنهم قد يتصلون اتصالات محرمة: قد تكون محرمة من الناحية الأخلاقية، أو محرمة من الناحية المالية، أو محرمة من الناحية السياسية، أو غير ذلك من المقاصد السيئة. والشخص عندما ينتقل من محله ويأتي إلى محلٍ آخر ويتصل فهذا لا شك أنه يريد أنه لو حصل اكتشاف يكون الاكتشاف لصاحب هذا الرقم؛ يعني: صاحب المحل فيكون هو المُدان.

        فنصيحتي لهذا: أنّ الشخص إذا ائتمن على محلٍ وبخاصةٍ ما ذكره السائل فالواجب عليه أن يمنع الاتصال منه إلا بإذن صاحبه، فمن جاءه يريد أن يتصل فليحوّله إلى صاحب المحل يقول: اذهب واستأذن من صاحب المحل، فإذا أذن له صاحب المحل، وكان المؤتمنُ يسمع هذا الإذن، وصاحب المحل يُعطي المُستأذن خطاباً يسمح فيه له بالاتصال، ويحدد هذا الاتصال هذا لا مانع منه؛ لأن صاحب المحل رضي بهذا. أما الشخص الذي يشتغل في المحل لا يملك الإذن في ذلك، وإذا أذن في ذلك من غير إذن صاحب المحل فلا شك أنه آثمٌ؛ لأنه يحمّل صاحب المحل مبالغ مالية لا يعلم عنها صاحب المحل أنها جاءت بسببٍ غير مشروعٍ؛ لأنه يظن أن هذه المبالغ ترتبت على اتصالاتٍ من أجل صالح المحل، والواقع أنها ليست من صالح المحل. وبالله التوفيق.



[1] من الآية (58) من سورة النساء.