حكم منع البنت من الميراث، ومنع تزويج بنت العم من خارج القبيلة
- لاعبرة بالعرف المخالف للشرع
- 2022-05-16
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (2595) من المرسل ع. ب من مصر، يقول: نحن نسكن في إحدى قرى مصر، وهذه القرية يعمها الجهل والعادات السيئة؛ ولكن -ولله الفضل والمنة- قد أقلع غالب أهل القرية عن كثير من هذه العادات، ولكن لا زالت هناك بعض العادات الباقية التي نحب من فضيلتكم تنبيه الناس إليها وإلى خطرها، ومن هذه العادات: أكل ميراث الأنثى، ومنع زواج بنت العم على من هو خارج عن القبيلة، فنرجو النصح والإرشاد في هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً.
الجواب:
يعتاد بعض الناس عاداتٍ، وهذه العادات تكون مخالفةً للشريعة، ويتوارثها الأبناء عن الآباء، وتكون عندهم ثابتة بحيث إن الشخص إذا خالفها، فإنه يكون مخالفاً لعرف القبيلة، وقد تغلغلت في نفوس أفراد القبيلة إلى درجة أنها صارت من الأمور الشرعية في نفوسهم. ولا شك أن العرف إذا خالف الشرع فإن الحكم للشرع، ولا حكم للعرف في ذلك، فما ذكره السائل هو مجرد تمثيل لمخالفة كثيرٍ من الناس للشرع، عن طريق التعارف على أمور ليست من الشرع في شيء، فقد ذكر -هنا- أن الشخص لا يزوّج ابنته إلا من أقاربه، ولا شك أن هذا جهل، ومخالف للشريعة، فإن الرسول ﷺ قال: « إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير ».
ولهذا نجد التحجير في بعض القبائل، يعني: أن ابن العم يعلن بين أفراد القبيلة أن بنت فلانٍ له، ولا يجوز لأحدٍ أن يتعدى إلى خطبتها. فإذا امتنعت من الزواج به، فإنها تبقى، وقد تموت بدون زواج، ووالدها إذا صادف عنده رغبة في أن يزوجها ابن العم فإن المصيبة تكون أعظم.
فالمقصود أن فيه ضرراً من جهة أولياء أمور البنات، وضرراً-أيضاً- من جهة أقارب البنات إذا حجر واحدٌ منهم على واحدة ٍ منهنّ، فالعضل لا يجوز، والحجر لا يجوز؛ وإنما الواجب أنه إذا جاء من هو مرضيٌ في دينه وأمانته فإنه يزوّج، ووجود هذه العادة في قبيلة أو في بلد، هذا ليس له أصلٌ من الشرع؛ بل هو مخالفٌ للأدلة الشرعية.
والأمر الثاني الذي ذكره هو: حرمان المرأة من ميراثها، وهذا موجود في كثيرٍ من الجهات، والذي يجعلهم يمنعون المرأة من الميراث هو الطمع في المال، يقولون: إن هذه المرأة تتزوج، إذا تزوجت قد تتزوج بأجنبي ويأتي أولاد أجانب فإذا ماتت يرثونها من ميراثها من أبيها، ومن ميراثها من أبيه إلى غير ذلك، فتكون الأملاك عندهم مثل المزارع، تكون مقسمة وهم يريدون أن يستأثروا بها، فبعضهم إذا مات والده جمع أخواته ومعهنّ أمه، وأخذ عليهنّ إقراراً للتنازل، قد يكون هذا التنازل مطلقاً، وقد يكون في مقابل عوضٍ قليل، وقد يكون في مقابل عوضٍ مساوٍ، وقد يُخفي عليهنّ أمر التركة، فلا شك أن المقام عظيم، وهذا يحتاج فيه الإنسان إلى أن يسلك فيه المسلك الشرعي، فإذا مات الشخص قُسمت تركته حسب القسمة الشرعية، وكلٌّ يعلم نصيبه، ومن أراد أن يتنازل عن نصيبه بعد معرفته له معرفةً كاملة فهذا إليه إذا كان أهلاً للتصرف، ومن أراد أن يأخذ نصيبه فإنه يأخذه. يتصل بهذا ما يفعله بعض الأشخاص من جهة أنه يكتب جميع ممتلكاته، يجعلها وقفاً ذرياً؛ يعني: إنها وقفٌ على الذكور دون الإناث، وبالنسبة للإناث من كانت باقية قبل الزواج تسكن وتأكل، ومن جاءت مطلقةً فإنها تسكن -أيضاً- وتأكل، ولكنها لا يكون لها كما يكون للذكور، وهذا وقف جنف، فكما أن الورثة يعتدي بعضهم على بعضٍ، يعتدي الرجال على النساء من ناحية منعهنّ عن حقهنّ، فكذلك رب الأسرة يعتدي ويوقف جميع عقاراته وقفاً ذرياً، أو أنه يوصي به للكبير من أولاده.
وعلى كلّ حال يجب على الإنسان أن يسلك في جميع ذلك المسلك الشرعي، ففي ذلك أجرٌ من جهة، وسلامةٌ من الإثم من جهةٍ ثانية، وإيصال كلّ ذي حقٍ حقه من جهةٍ ثالثةٍ. وبالله التوفيق.