Loader
منذ سنتين

حكم مقاطعة الأخ الذي يكثر الخصام مع أهله، ويسبب لهم المشاكل


  • فتاوى
  • 2021-12-10
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (3259) من المرسل ع. أ، يقول: لي أخٌ شقيق، وهو الأكبر مني سناً، وهو قاطعٌ للرحم، وفي خصامٍ دائمٍ مع إخوانه وأخواته الأشقاء، الأكبر سناً والأصغر سناً، وليس هناك سببٌ واضحٌ. ولديه زوجة لا تنجب، وقد تزوج قبل حوالي أربعٍ وثلاثين سنة، وهو منذ أن تزوجها في خصام دائمٍ بينه وبين إخوته، وبيني شخصياً، فكم مرةً أذهب في الإجازة السنوية، وأقوم بزيارته في منزله فلا يقابلني، ويتهرب من مشاهدتي، وإذا سلّمت عليه مدّ يده، ووجهه إلى ناحيةٍ أخرى، ولا يتكلّم بكلمةٍ واحدةٍ عند السلام، ولا يقول: تفضل اجلس، أو أن يتحرك لسانه بكلمةٍ واحدة، وليس لديه أي مرضٍ نفسي، وحالته الصحية جيدة؛ ولكن قلبه امتلأ بالكراهية لإخوانه وأخواته. فعندما رأيت ذلك منه، لم أزره مرةً أخرى؛ لأنه لا فائدة معه، فهل عليّ إثمٌ في ذلك؟

الجواب:

 المعاملة التي تكون بين الأقارب بعضهم مع بعض، ينبغي أن يسودها التواد، والتراحم، والتعاطف، والتعاون، والتفاهم، وحسن العشرة فيما بينهم، وعندما يحصل شيءٌ من الخلاف بين بعضهم مع بعض، فإن هذا الخلاف لا بدّ أن يكون له سبب، والسبب قد يكون واضحاً، وقد يكون خفياً، وقد يكون صحيحاً، وقد يكون خاطئاً، وقد يكون جسيماً، وقد يكون سهلاً يسيراً؛ فينبغي معرفة الأسباب في بُعْد القريب عن قريبه. ويُعالج هذا السبب، وبذلك تزول هذه الوحشة.

وإذا كان أحد الطرفين لا يعرف أسباباً، ويجد معاملةً سيئةً من الطرف الآخر؛ فإنه لا ينبغي له أن يقطع الصلة بينه وبين هذا الشخص؛ بل يأتي إليه يزوره ويسلّم عليه، وإذا كان في حاجةٍ ماليةٍ يساعده، ويتفقد أحواله، ولكلٍّ منهما نيته وعمله.

وقد جاء رجل إلى الرسول ﷺ، فقال له: « إن لي قرابةً أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، فقال له رسول الله ﷺ: إن كنت كما تقول: فكأنما تسفهم الملّ »؛ يعني: كأنك تأخذ تراباً حاراً من حرارة النار وتلقيه في أفواههم. فينبغي للشخص ألا تكون معاملته مع أقاربه من باب المعاملة بالمقايضة، أو المعاملة بالمثل.

فالمعاملة بالمقايضة: أنهم إذا أحسنوا إليك أحسنت إليهم كما أحسنوا إليك ولا تزيد، وكأن هذه الصلة من باب البيع والشراء.

وأما ناحية المعاملة بالمثل: فأنت تصلهم إذا وصلوك، وتقاطعهم إذا قاطعوك.

والطريق السليم: أنك تحسن إليهم، ولا تطلب منهم أن يحسنوا إليك، وتتحمل ما يأتيك من الإساءة منهم، ولا يصدر منك إساءة ٌإليهم، وبهذه الطريقة تكون قد سلكت مسلكاً حسناً، ولهذا يقول الله -تعالى-: "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"[1].

والأقربون أحق بالمعروف من ناحية الإحسان إليهم، ومن ناحية تحمّل إساءتهم، وقد يندم هذا الشخص في يومٍ من الأيام إذا رأى أنك تحسن إليه، ولا تطلب منه الإحسان، فقد يندم في يومٍ من الأيام، ويرجع إليك وتقوى العلاقة فيما بينك وبينه؛ لأن الله -تعالى- يقول: "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ"[2]؛ يعني: إنك تتحمّل ما يأتيك من الإساءة، ولاشك أن هذا موقفٌ عظيمٌ، ويحتاج إلى أن الشخص يأخذ به من أجل سلامة ذمته، ومن ناحية حصوله على الأجر، ودفع أذى الغير بقدر الاستطاعة. وبالله التوفيق.



[1] الآية (43) من سورة الشورى.

[2] الآية (35) من سورة فصلت.