Loader
منذ سنتين

ما واجبنا تجاه كتاب الله من حيث القراءة والتدبر والعمل به والتحاكم إليه والدعوة إليه والصبر على ذلك؟


  • فتاوى
  • 2022-02-21
  • أضف للمفضلة

الفتوى رقم (9997) من مرسل لم يذكر اسمه، يقول: في هذا الزمن غفل كثير من الناس عن القرآن وهجروا قراءته، واشتغلوا بالقيل والقال ونحو ذلك، ما نصيحتكم وما واجبنا تجاه كتاب الله من حيث القراءة والتدبر والعمل به والتحاكم إليه والدعوة إليه والصبر على ذلك؟

الجواب:

        الله -سبحانه وتعالى- أنزل القرآن وكما سبق في جواب السؤال الذي قبل هذا أنزل القرآن والرسول ﷺ تكلم بالسنة.

        والجانب الذي أريد أن أتطرق إليه هنا بالنظر إلى هذا السؤال هو أن الشخص عندما يريد أن يفهم القرآن ويريد -أيضاً- أن يحفظه فإنه في حاجةٍ إلى أمورٍ يسلكها تساعده على الفهم أولاً ثم الحفظ ثانياً. هذه الأمور هي:

        الأمر الأول: أن كل سورةٍ من السور وبخاصةٍ السور الطوال أو المتوسطة بصرف النظر عن المفصل أو عن قصار المفصل. عندما ننظر إلى السورة نجد أنها تشتمل على جملة من الموضوعات أو جملة من الدروس، ولهذا نجد بعض المفسرين سلكوا في تفاسيرهم هذا المسلك؛ بمعنى: إنهم يذكرون الآيات التي تتعلق بموضوعٍ واحد، وإذا كان الموضوع طويلاً ويشتمل على جملةٍ من العناصر فإن كل عنصر يذكرون آياته على سبيل الانفراد، فأنت تحتاج إلى أن تحدد الآيات التي تشتمل على موضوعٍ واحد، فعلى سبيل المثال إذا نظرنا إلى افتتاح سورة البقرة وجدنا أنها تشتمل على موضوعات: الموضوع الأول هو ما يتعلق بالمؤمنين في قوله -تعالى- {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)}[1] إلى آخر الآيات الأربع. وإذا نظرنا إلى الموضوع الثاني وجدنا أنه يتعلق بالكافرين، فذكر آيتين في الكفار {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[2] إلى آخره. ثم ذكر الموضوع الثالث وهو ثلاث عشرة آية تتعلق بالمنافقين وهم المؤمنون ظاهراً ولكنهم مكذبون باطناً. فأنت تحدد الآيات التي تتعلق بالموضوع الواحد.

        الأمر الثاني: أنك تنظر في مفردات هذا الموضوع المفردات اللغوية، ثم سبب النزول، ثم الإحكام، والنسخ؛ ثم فهم معنى الآيات، معنى الجمل على حسب علامات الوقف، ثم المعنى العام لآيات الموضوع الواحد، ثم معرفة الأحكام، ثم بعد ذلك حفظ هذه الآيات، وعلى هذا المسار تسير حتى تنتهي من القرآن.

        ولا شك أن حفظ القرآن وأن تلاوته له فضل عظيم؛ ولكن الأمر المهم هو العمل به والتحاكم إليه، ولهذا قال -جل وعلا-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[3].

        ومن المعلوم أن من صفات القرآن أو من صفات هذه الشريعة عموماً أنها حاكمة وليست محكومة؛ بمعنى: إن الناس تبع لها وليست هي تبعٌ للناس؛ إما أن يلغوها، وإما أن يصرفوا دلالتها عن الوجه الذي أراده الله -جل وعلا- ورسوله. ومما ينبغي أن يعلم أن هذا القرآن له شأن عظيم، وأن الله -سبحانه وتعالى- سيسأل كل شخصٍ عما يقوله وعما يفعله؛ سواءٌ كان أمرا قاصراً عليه، أو كان متعدياً إلى غيره. وبالله التوفيق.



[1] الآيتان (1-2) من سورة البقرة.

[2] الآية (6) من سورة البقرة.

[3] الآية (65) من سورة النساء.