Loader
منذ سنتين

حكم مضغ القات


الفتوى رقم (2229) من المرسل السابق، يقول: ما حكم مضغ القات؟

الجواب:

 القات كغيره من الأشياء التي تؤكل أو تشرب يعني تستعمل من ناحية الحكم، أي أننا إذا أردنا أن نحكم على شيءٍ فإننا ننظر إلى ما يشتمل عليه من المنافع ومن المضار،وما ينشأ عنه من المصالح والمفاسد، ونعمل موازنةً بين المصالح والمفاسد، وقاعدة الشريعة: أن ما ترجحت مصلحته يكون مشروعاً، وما ترجحت مفسدته يكون ممنوعاً.

 ولهذا نجد أن جميع ما أمر الله به في كتابه، وما أمر به رسوله ﷺ يكون متعلق هذا الأمر فيه مصلحة، أو يكون وسيلة على مصلحة، وقد تكون المصلحة دنيويةً وسببها كذلك، وقد تكون أخروية وسببها كذلك.

وكذلك بالنسبة للنهي نجد أن الله لا ينهى إلا عن مفسدة أو ما هو وسيلة إلى مفسدة، وسواءٌ كان ذلك من الناحية الدنيوية أو من الناحية الأخروية.

 فإذاً الميزان في ذلك هو: ما ينشأ من المصالح والمفاسد والمنافع والمضار، ولهذا يقول الله جل وعلا في الخمر: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا"[1] ثم قال بعد ذلك: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" إلى آخر الآيات التي جاءت دالةً على تحريمه، وذلك لما اشتمل عليه من المفاسد التي تربوا على مصالحه.

وبالنظر إلى أن هذه القاعدة متقررة في الشريعة وثابتة، فإن مسألة القات راجعةٌ إلى هذا الأصل، لكن هل ترجع إلى قاعدة المصالح؟ أو ترجع إلى قاعدة المفاسد، أو ترجع إلى أن فيه مصلحةٌ ومفسدة، فيه مصلحةٌ من الناحية التجارية، وتسمية هذا مصلحة في الواقع أنها تسمية فيها نظر، ولكن بالنظر إلى أن الله تعالى قال: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ"[2] فهذه المنافع التي بين الله جل وعلا منها منافع دنيوية من ناحية أنهم ينتفعون به، فنقول هذا فيه منفعةٌ دنيويةٌ مثلاً من ناحية القيمة.

أما بالنظر إلى الأضرار التي تنشأ عن استعماله، فهي تتعلق بالنفس وبالفكر وبالعقل، وأيضاً تتعلق بالمال، وأيضاً من الناحية الصحية، فهناك أضرار بدنية ، وأضرار مالية، وفيه أضرار اجتماعية بالنظر إلى أن الشخص يجتمع مع إخوانه الآخرين على استعماله، وفي هذا الاجتماع يحصل من الكلام مالا تحمد عقباه، كما أن فيه تضييعاً للوقت أيضاً، فإن الشخص الذي يستعمله يحتاج إلى فترةٍ لاستعماله، قد تكون مثلاً ثلاث ساعات، أربع ساعات، على حسب اختلاف الكمية والنوعية التي يريد أن يستعملها.

وقد بُحث هذا الموضوع، واعتنى به العلماء قديماً وحديثاً، وعقدت من أجله المؤتمرات، والنتيجة التي توصل إليها من خلال هذه المؤتمرات: أنه محرمٌ بالنظر لما يشتمل عليه من كثرة المفاسد وقلة المنافع،وهذا التحريم الذي صدر من هذه المؤتمرات  متفقٌ مع واقع القات من جهة، ومع قاعدة الشريعة في مسألة الموازنة بين المصالح والمفاسد، وأن جانب المفاسد في هذا أرجح، وبالله التوفيق.



[1] من الآية (219) من سورة البقرة.

[2] من الآية (219) من سورة البقرة.