حكم المصارفة مع تغيير قيمة العملة
- البيوع والإجارة
- 2021-09-08
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (1467) من المرسل م.ع. أ، يقول: أعطيت مبلغ خمسة الآف سعودي لشخصين مسافرين إلى السودان، وطلبت منهما أن يُسلّما والدي إما ريالات سعودية بالسودان على أن يكون ذلك على الفور بمجرد وصولهما؛ وذلك لأن الريال السعودي سيكون مرتفعاً سعره في ذلك الوقت؛ أو أن يعرفا قيمة الريال بالجنيه السوداني عند وصولهما، ثم يُعطيا الوالد ما يساويه مبلغ خمسة الآف ريال بالجنيه السوداني؛ ولكنهما لم يفعلا ذلك: الأول وصل السودان، ثم مكث شهراً ثم بعد انخفاض قيمة الريال حاول أن يدفع للوالد المبلغ بالجنيهات السودانية بسعر الريال المنخفض، فرفض والدي وطالبه بالمبلغ بسعر الريال وقت وصوله للسودان، كان الريال مائة وعشرين عند وصوله، فأصبح مائة وعشرة عند محاولته التسليم، فدفع لوالدي على حسب ما طلب والدي. والثاني قال لوالدي: أرسل ابنك خمسة الآف ريال وهاك ألفين جنيه سوداني الآن، وكان الريال الواحد يساوي مائة وخمسة وعشرين قرشاً، وقال: الباقي سأدفعه لك مستقبلاً، ثم بعد فترة أحضر له أربعة الآف ومائتين وخمسين جنيهاً سودانياً حسب خمسة الآف ريال في سعر مائة وخمسة وعشرين قرشاً فصار ستة الآف ومائتين وخمسين جنيهاً، دفع منها ألفين جنيهاً أولاً، ثم دفع الباقي مستقبلاً، ما الحكم في الحالتين؟ أفيدونا أفادكم الله؛ حيث إن هذا الأمر يُقلقنا كثيراً مع العلم بأنا عقدنا العزم على عدم التعامل بهذه الطريقة مرة أخرى.
الجواب:
الحكم في هذه المسألة يختلف باختلاف ما حصل بينك وبينهما من اتفاق، فإذا كنت قد بعت على كلّ منهما ما سلمته له من العملة السودانية على أن يكون التسليم منهما لوالدك في السودان حسب ما اتفقتم عليه من السعر، فهذا عقد مصارفة فَقَد التقابض بمجلس العقد، فلا يجوز، وليس لك إلا العملة السودانية التي سلّمتها لكلّ واحد منهما؛ لعموم قوله ﷺ: « البُر بالبُر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، والذهب بالذهب، والفضة بالفضة مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواءٍ، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد » فلا يكون العقد صحيحاً لعدم القبض؛ هذه هي الحالة الأولى.
أما الحالة الثانية: إذا كنت قد أقرضت كلّ واحدٍ منهما النقود التي دفعتها له، وشرطت عليه في القرض أن يُسلّم لوالدك ما تساويه العملة السودانية، وحددت وقتاً معيناً لقيمة العملة السودانية بالريال؛ فحينئذٍ يكون هذا قرضاً جرّ نفعاً، وهو مشتملٌ -أيضاً- على عقد مصارفة، فهو عقد قرض ٍمن جهة، ومصارفة من جهةٍ أخرى، فباعتبار أنه قرض جرّ نفعاً لا يجوز، وباعتبار عقد المصارفة وأن ما فيه ما حصل تقابض فهذا -أيضاً- لا يجوز.
الحالة الثالثة: أن تكون قد دفعت لكلّ واحدٍ منهما مبلغاً على أساس الأمانة على أن يُسلّما هذا المبلغ لوالدك، فإذا كان كذلك وحصل تصرف منهما يخالف مقتضى الأمانة؛ فلا يجوز لك أن تأخذ الزيادة، ولا يجوز لهما أن يدفعا الزيادة. وعلى جميع الاعتبارات التي سمعتها فيما سبق بيانه من الأحوال، فإن الشيء الذي تستحقه عليهما هو رأس المال الذي دفعته لهما. وبالله التوفيق.