رفع الرجلِ على المرأة والغيرة من ذلك
- خطاب الرجال، هل تدخل فيه النساء
- 2021-07-26
- أضف للمفضلة
الفتوى قم (6502) من المرسلة السابقة، تقول: أغار حين أسمع الأحاديث التي فيها رفع للرجل على المرأة، هل أنا آثمة على هذه الغيرة؟
الجواب:
الله سبحانه وتعالى شرع هذه الشريعة وهي شريعةٌ كاملةٌ بدليل قوله -تعالى-: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ"[1]، وشاملة لعموم قوله -تعالى-: "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"[2]، وقوله -تعالى-: "وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ"[3]، وقوله ﷺ: « بُعثت إلى الأحمر والأسود، كلّ نبيٍ يبعث إلى قومه خاصة »، وهي مع كمالها وشمولها شريعة عدلٍ كما قال -تعالى-: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ"[4]، وقال -تعالى-: "مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ"[5].
وبالنظر إلى ما يخص الرجل والمرأة من الأحكام في هذه الشريعة فإن علاقة كلٍّ من الرجل والمرأة في هذه الشريعة يمكن تصنيفها ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: الأحكام المشتركة بين الرجال والنساء، وهذا هو الأصل في التشريع.
الصنف الثاني: الأحكام الخاصة بالرجال؛ سواءٌ أكانت هذه الأحكام لها علاقة بالمرأة، أو تكون من خصائص الرجل.
والصنف الثالث: الأحكام الخاصة بالنساء، ففيه أحكامٌ خاصةٌ بالرجال لا تشترك فيها المرأة، وفيه أحكامٌ خاصةٌ بالنساء لا يشترك فيها الرجل.
وعلى هذا الأساس فما فضّل الله به الرجال على النساء هذا من شرع الله -جل وعلا-، وبما أنه شرع الله -جل وعلا- فلا يجوز لبشرٍ أن يقع في قلبه مثقال خردلةٍ من عدم الرضا بما فضّل الله بعض الناس على بعض؛ لأن نظرية التفضيل في الشريعة نظريةٌ واسعة، ولكن منها ما فضّل الله به الرجال على النساء، ذلك أن الرجل يتحمل مسؤولية والمرأة تتحمل مسؤولية، والرجل يتلقى مسؤوليته من شرع الله، والمرأة تتلقى مسؤوليتها من شرع الله لا من جهة حدود المسؤولية ولا من جهة كيفية القيام بهذه المسؤولية؛ ولهذا يقول الله -جل وعلا-: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ"[6].
ولكن هذا التفضيل الذي جعله الله للرجل لا ينبغي أن يستغله سبباً للتعسف في منع حقوق المرأة، أو الاعتداء عليها بالأذى من قولٍ أو فعل؛ لأن الله -جل وعلا- قال: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"[7]، وقال -جل وعلا-: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ"[8].
والدرجة التي للرجال عليهنّ هو التفضيل الذي حصل بالنسبة للرجل؛ وكذلك ما يتحمله من المسؤوليات من ناحية المرأة.
لكن مما يؤسف له أنه حصل خلط بين مسؤولية المرأة ومسؤولية الرجل، فالمرأة يُسعى إلى أن تتخلص من مسؤوليتها وهي البيت؛ وبالتالي يُسعى إلى مساواتها للرجل في الحقوق التي جعلها الله للرجل، وفضّل الله الرجل عليها، ولا شك أن المرجع في تمييز ما للرجل من حقوق وما للمرأة من حقوق هو الشرع، وليس المرجع هو أفكار الرجال الذين يدعون إلى تحرير المرأة وإخراجها من بيتها، ومزجها في المجتمع مزجاً غير مقيدٍ بالشرع. وبالله التوفيق.