حفظت القرآن ونسيته، ما الطريقة لمراجعته؟
- حفظ القرآن ومراجعته
- 2022-03-04
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (11708) من المرسل ع.ع.أ، يقول: حفظت القرآن لكن نسيته، وأريد أن أراجعه ولكن لم أستطع، ما الطريقة للعودة لمراجعة القرآن؟
الجواب:
الشخص الذي يريد أن يجمع بين حفظ القرآن وفهمه لابد أن يسلك طريقة تجمع له هذين الأمرين، وهذه الطريقة تشتمل على عشر خطوات:
الخطوة الأولى: هي أن يحدد الآيات التي تتكلم من موضوع واحد؛ لأن كثيراً من سور القرآن تشتمل على موضوعات متعددة، فسورة البقرة إذا نظرنا فيها وجدنا فيها الطلاق والصيام والحج وبعض العدد، ووجدنا فيها الرضاعة؛ وكذلك وجدنا فيها أحكام الربا إلى غير ذلك من الأحكام، فيحدد الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد. وبإمكانه استعمال تفسير من التفاسير؛ لأن كثيراً من المفسرين يحددون الآيات التي تتكلم على موضوع ويجعلونها متجاورة، وإذا انتهوا من الكلام عن هذه الآيات التي تتكلم عن موضوع واحد يبدؤون بالآيات التي تتكلم عن الموضوع الذي يليه؛ وهكذا فيستعين بتفسير من التفاسير.
الخطوة الثانية: أن هذه الآيات تشتمل على جملة من الكلمات التي تحتاج إلى معرفة؛ سواء كانت المعرفة من جهة اللغة، أو كانت من جهة الاصطلاح. فالمعاني الاصطلاحية موجودة في كلام المفسرين، وكذلك المعاني اللغوية؛ ولكن فيه كتاب: جامع البيان في مفردات غريب القرآن بالإمكان أن الشخص يستعين به.
الخطوة الثالثة: أن القرآن منه:
الأول: ما نزل على سبب مقرون به، وهذا يندرج تحته جميع الأسئلة التي جاءت في القرآن: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}[1]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}[2]، وهذا لا إشكال فيه.
والثاني: ما ورد عن أسباب لم تذكر، وقد تكلم كثير من المؤلفين على أسباب النزول، ومن ذلك كتاب لباب النقول في معرفة أسباب النزول، وكتاب المحرر في أسباب النزول. وفيه كتب كثيرة يمكن للشخص أن يرجع إليها في فهارس المكتبات؛ فلابد من معرفة سبب النزول.
الخطوة الرابعة: أن القرآن يشتمل على ناسخ ومنسوخ، والشخص عندما يريد أن يحفظ الآية لابد أن يتأكد هل هذه الآية محكمة أم أنها منسوخة.
والخطوة الخامسة: أن القرآن يشتمل على مشكل لفظي، وهذا المشكل اللفظي هو الآيات المتشابهات؛ كقوله -تعالى- في سورة البقرة: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}[3] وفي سورة المائدة والأنعام وسورة النحل: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[4]، فكلمة "به" مقدمة في سورة البقرة ومؤخرة في هذه السور. وعلى هذا الأساس يحتاج الشخص إلى معرفة هذه الآيات المتشابهات: (سبّح لله) (يسبّح لله) إلى غير ذلك. وفيه كتاب اسمه دليل الآيات المتشابهات اعتنى بهذا الجانب.
والخطوة السادسة: هو المتشابه المعنوي. والمتشابه المعنوي هو عبارة عن الآيات التي يظهر فيها التعارض؛ كما في قوله -تعالى-: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[5] مع قوله -جل وعلا-: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ}[6] فالأولى مثبتة للسؤال، والثانية نافية للسؤال. فعندما يقرؤهما الشخص الذي يريد أن يحفظ الآيات لابد أن يتنبه إلى معرفة الجواب بين هذه الآيات. وفيه كتب كثيرة اعتنى العلماء بهذا الجانب؛ يعني: خدمت هذا الجانب، فمن ذلك كتاب (درة التنزيل وغرة التأويل في متشابه التنزيل)، وكتاب: (باهر البرهان في متشابه القرآن)، وكتاب: (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب). وفيه كتب كثيرة وموجودة في فهارس القرآن في المكتبات الخيرية؛ وكذلك موجودة في المكتبات التجارية بإمكان الإنسان أن يسأل عنها فلا بد من معرفة المتشابه اللفظي.
الخطوة السابعة: أن القرآن يشتمل على علامات الوقف. وعلامات الوقف موضوعة من أجل المعنى، فيعرف تفسير هذه الجمل على وفق ما تقتضيه علامات الوقف من وجوب، ومن تحريم، ومن كراهة، ومن ندب، ومن جواز؛ إلى غير ذلك من علامات الوقف المرصودة في آخر الكتاب بعد فهرس الآيات أو قبلها. فبعض الناس يجعلها قبلها، وبعضهم يجعله بعدها، فلا بد من معرفة ذلك. وفيه كتاب موجود في الأسواق اسمه علل الوقوف؛ يعني: يعطيك الحكمة من الوقوف على هذا الموضع؛ وكذلك عدم الوقوف على هذا الموضع. وهو في ثلاثة مجلدات.
ثم بعد ذلك يعرف المعنى العام، ثم بعد ذلك يعرف المناسبات بين الجمل. وفيه كتاب اسمه (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور). ثم بعد ذلك يعرف الآيات التي اشتملت عليها هذه الآيات. وفيه كتاب (أحكام القرآن) لابن العربي، و(الجامع لأحكام القرآن) للقرطبي. وفيه كتاب تفسير الطبري وتفسير ابن كثير هذه التفاسير يمكن أن يستعين بها الشخص.
عندما ينتهي من هذه الخطوات بعد ذلك يكرر الآيات على حسب قدرته على الحفظ، فإن بعض الناس يقرأ الشيء مرة واحدة ويحفظه وبعضهم يقرؤوه مائة مرة ولا يحفظه، فيكرر بحسب ما يعلم من نفسه من قدرة ثبات الآيات في فكره. وعندما يحفظها لا بد أن يعيدها كل يوم يعيد ما مضى كل يوم، ويضيف إليه الآيات التي يريد أن يفهمها ويحفظها من جديد وهكذا ولا يستعجل؛ لأن بعض الناس يريد أن يحفظ القرآن كله في شهر أو شهرين أو ثلاثة؛ لكن إذا سلك هذه الطريقة جمعت له بين فهم القرآن ثم حفظه. وبالله التوفيق.
المذيع: تعليم الأطفال في السابعة والثامنة إلى العاشرة القرآن الكريم كيف تعليمهم في هذا السن بالطريقة التي تفضلتم بها التي ربما تصعب عليهم؟
الشيخ: هذه الطريقة لمن يستطيعها؛ أما من لا يستطيعها فلا مانع من أن يتعلم الطفل؛ لكن إذا بلغ درجة يستطيع أن يفهم القرآن بعدما حفظه؛ لأنه قد يستعجل في حفظه ما دام صغيراً ويؤخر الفهم؛ لكن لا بد من فهم القرآن سواء كان الإنسان يفهمه مقدماً وهذا هو الأفضل، أما إذا علم وهو صغير وتدرج، فهذا لا يمنع أنه يرشد إلى هذه الطرق في الوقت الذي يستطيعه. وبالله التوفيق.