حكم من تأول حديث الأعمى الذي قال له النبي ﷺ : « لا أجد لك رخصة»، وأنه يريد أن يصلي في البيت ويكون له أجر الجماعة
- الصلاة
- 2021-12-07
- أضف للمفضلة
الفتوى رقم (2705) من المرسل السابق، يقول: « حديث الرجل الأعمى الذي جاء إلى النبي ﷺ يطلب منه أن يصلّي في بيته، ويذكر له عذره؛ ولكن الرسول ﷺ قال: لا أجد لك رخصة »[1]، ثم يقول: إنه وجد أن بعض أهل العلم تأوّل هذا الحديث وقال عن الرجل: كان يطلب من الرسول ﷺ أن يرخص له أن يصلّي في البيت، ويحصل له أجر الجماعة، فما رأيكم في هذا التأويل، وما شرح الحديث؟
الجواب:
أولاً: إن هذا الحديث من الأدلة الدالة على وجوب الصلاة جماعةً في المسجد، فمع كون هذا الشخص يسكن بعيداً عن المسجد، والطريق الذي يأتي معه إلى المسجد لا يسلم من المؤذيات، وهذا الشخص أعمى؛ ولكن هذه الأمور لم يعتبرها الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- موانع يستند عليها للترخص بصلاة الإنسان في بيته، وتركه للصلاة جماعةً في المسجد. فإذا كان هذا الشخص بهذه الأمور ولم يعذر، فكيف بالإنسان الذي ليس له عذرٌ أصلاً.
ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس تساهلوا في الصلاة على وجوهٍ مختلفة، فمنهم من يتركها، ومنهم من يصلّيها بعد خروج وقتها، ومنهم من يصلّيها في وقتها ولكنه يشق ويصعب عليه نفسياً أن يأتي إلى المسجد؛ يعني: يستكبر في نفسه أن يحضر إلى المسجد، يكون غنياً فيستعظم في نفسه أنه بهذه المكانة من الغنى، ومع ذلك يأتي ليصلّي في المسجد، أو يكون له وظيفة كبيرة، فيصلّي الناس في المسجد وهو جالس في عمله، ويستعظم في نفسه أن يقوم من مكتبه يذهب إلى الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، ولا شك أن هذا من الحرمان، والإنسان لا يفكر لنفسه في الأمور المتعلقة بدينه، كما يفكر في نفسه في الأمور المتعلقة بدنياه.
ثانياً: إن هذا الحديث واضحٌ في عدم قبول عذره، وما ذكر من هذا التأويل فهذا على سبيل التحمل، والحديث ظاهرٌ في الدلالة، والاحتمال الذي ذكر في السؤال هذا من باب صرف الدليل عن ظاهره إلى تأويله؛ يعني: من الظاهر والمعنى الراجح إلى المعنى المرجوح.
ومن القواعد المقررة: أن صرف الدليل عن ظاهره وهو المعنى الراجح إلى تأويله وهو المعنى المرجوح، لا بدّ له من دليل، وليس هناك دليلٌ يدل على المعنى الذي ذكره السائل من أن الحديث يحمل عليه، وبهذا يتبين أن حمل الحديث على المعنى الذي ذكر السائل أنه قال به بعض أهل العلم لا يصح أن يُحمل الحديث عليه. وبالله التوفيق.